ارتبطت هذه التسمية في المخيال الجماعي بالممارسة الأمنية التي تجعل السجين السياسي المفرج عنه محاصرا بعيون خفية من كل الجهات و مجبرا على أن يمارس على نفسه الرقابة الذاتية الدورية بأن يتحول طوعيا إلى أعوان البوليس المكلفين بمراقبته ليتأكدوا من بقائه ..تحت طائلة ..رقابتهم …
و المراقبة هي من توابع العقوبة المسلطة على المجرم حماية للمجتمع من خطره ، و هي كذلك جزاء ينطوي على ألم يصيب من اقترف ذنبا بحق المجتمع يفترض فيه أن يكفر عنه بالحرمان من الحرية أو من بعض الحقوق المدنية أو السياسية ..أو حتى من الحياة ..
و لقد تطورت فلسفة العقاب على مر العصور فعرفت طور الإنتقام الشخصي في غياب الأنظمة الآمرة التي تنظم سبل استخلاص الحقوق و معاقبة المذنبين فكان الإنتقام الفردي و القبلي بدافع الثأر و التشفي هو دستور التعامل بين الفرقاء، ثم تطور مفهوم التكفير عن الذنوب ليتم اعتبار العقوبة تطهيرا دينيا ، للنفس ، و مع نشأة الدولة و استقرار نظامها لم تعد الجريمة اعتداء على حق فردي أو إلاهي فحسب بل صارت كذلك خرقا للنظام الإجتماعي من شأنه المساس باستقرار المعاملات و العلاقات داخل المجتمع فكانت الوظيفة الجديدة للعقوبة هي : المحافظة على النظام الإجتماعي .
وبتطور الفكر السياسي و القانوني أصبح الحق في تسليط العقاب من اختصاص سلطة مستقلة تخضع لقواعد محددة وتمارس صلاحياتها في حق الهيئة الإجتماعية صاحبة الحق في الدفاع عن نفسها لحفظ نظامها و ضمان استمرار وجودها و استقرارها .
وقد تأثر التشريع التونسي بالنظريات العلمية في فلسفة العقاب ، فبعد أن كانت تسوده أحكام الشريعة الإسلامية ( حتى منتصف القرن 19) التي أرست منهجا من الفلسفة العقابية قام على مبادئ الشريعة و شخصية العقوبة و عدم رجعية القوانين الجزائية و مراعاة صغر السن و الجنون و الإكراه في نطاق المسؤولية عن الفعل الإجرامي و الأخذ بالظروف المخففة و استبعاد التنكيل بالجاني و إمكان العفو عن المجرم ..
و تتضمن العقوبة في مفهومها العام كل الجزاءات الواردة في قانون العقوبات ، و قد حاول الفقه تصنيفها و فق تناسبها مع الجريمة و فاعلها أو انعدام هذا التناسب و غالبية التشريعات تنص على العقوبات كجزاءات لحالات الخطورة الإجرامية أو الوقاية منها ، و تصنف العقوبات إلى عدة تصنيفات :
ـ تصنيف مبني على جسامة الجريمة فنجد عقوبات جنائية و عقوبات جناحية ، و هذا الترتيب مقابل لترتيب الجرائم إلى جنايات و جنح و مخالفات بسيطة و هو نتيجة عن تحديد أقصى و أدنى العقوبات المنصوص عليها بالنسبة لكل نوع من المخالفات .
ـ تصنيف مبني على موضوعها أو طبيعة الحق الذي تلحقه فنجد عقوبات بدنية و عقوبات تحرم من الحرية و عقوبات تنقص من الحرية و عقوبات تحرم من الحقوق أو تنقص منها و عقوبات مالية و عقوبات مهنية أو أدبية .
ـ تصنيف مبني على نوع الجريمة فنجد عقوبات سياسية و عقوبات تابعة للحق العام .
ـ تصنيف مبني على مدة العقوبة فنجد عقوبات مؤبدة و عقوبات مؤقتة .
ـ تصنيف مبني على الرابطة بينها فنجد عقوبات أصلية و عقوبات تكميلية ، و العقوبات الأصلية هي العقوبات التي تنطبق على الجريمة مباشرة و يمكن التصريح بها منفردة و لكن يجب أن يتضمنها نص خاص بالحكم و هي تفي بذاتها و مباشرة بفكرة العقاب فلا يتصور صدور حكم جنائي بالإدانة ضد متهم دون أن يتضمن إحداها على الأقل ، و يتصور أن يحكم بها وحدها فهي كافية بذاتها لتحقيق فكرة الجزاء و العقاب ،
والعقوبات الأصلية في القانون التونسي هي ، حسب الفصل 5 من المجلة الجنائية : الإعدام و السجن بقية العمر و السجن لمدة معينة و العمل لفائدة المصلحة العامة و الخطية .
أما العقوبات التكميلية فهي عقوبات مكملة أو إضافية تضاف إلى العقوبة الأصلية فيوقعها القاضي و جوبا أو جوازا بالإضافة إلى العقوبة الأصلية فلا يملك الحكم بها بمفردها .
والعقوبات التكميلية إما أن تكون و جوبية أو اختيارية للعقوبة الأصلية و لا يمكن أن تكون منفردة إلا في حالات استثنائية ، والعقوبة التكميلية في القانون الجنائي التونسي يجب أن تكون في نص الحكم المتضمن للعقوبة الأصلية ،
و العقوبات التكميلية هي منع الإقامة و المراقبة الإدارية و مصادرة المكاسب في الصور التي نص عليها القانون و الحجز الخاص و الإقصاء في الصور التي نص عليها القانون و الحرمان من مباشرة الحقوق و الإمتيازات و نشر مضامين الأحكام .
و قد ظهرت العقوبات التكميلية نتيجة تقدم الدراسات الجنائية و اهتمامها بشخص مرتكب الجريمة بعد أن كان الإهتمام مقتصرا على الفعل الإجرامي ذاته ، و تعتبر المراقبة الإدارية جزاء مقررا لمصلحة المجتمع و مصلحة المجرم فهي تستهدف إصلاح الجاني و تأهيله و حماية المجتمع من خطورته الإجرامية .
و تتمثل المراقبة الإدارية في إجبار الشخص على الإقامة بمنطقة معينة تحددها السلطة التنفيذية بعد قضاء مدة الحكم الصادر بحقه ( و بداية من تاريخ الإفراج بالنسبة للسجين المسرح بموجب السراح الشرطي * الفصل 256 من مجلة الإجراءات الجزائية * ) و عدم مغادرة محل سكناه من غروب الشمس إلى شروقها و لا يمكنه أن يغير مقر إقامته إلا بإذن من الإدارة كما لا يمكن له مغادرته إلا بترخيص ،
و قد نص التشريع التونسي على تطبيق عقوبة المراقبة الإدارية بصورة مباشرة في الجرائم الإرهابية و جرائم المخدرات و جرائم التحريض على الخناء و جرائم الإعتداء على أمن الدولة و جرائم تدليس العملة .
و تبدأ إجراءات تنفيذ المراقبة الإدارية بإحالة نسخة من الحكم الصادر ضد المعني إلى إدارة الشؤون الجزائية بوزارة العدل التي تحيل مكتوبا لوزير الداخلية للتنفيذ و يصدر هذا الأخير قرارا ينص فيه على أنه بعد الإطلاع على أحكام الفصلين 23 و 24 من المجلة الجزائية و على الحكم الصادر عن المحكمة تقرر إخضاع المحكوم للمراقبة الإدارية و عند مخالفة المعني بالأمر لقرار المراقبة الإدارية يعاقب وفق مقتضيات الفصل 150 من المجلة الجزائية ، و يبدأ تنفيذ المراقبة الإدارية بتوجيه إعلام للمعني بالأمر بمجرد انقضاء عقوبته السجنية يتم فيه إشعاره من قبل السلط المختصة بالمكان الذي حدد لإقامته و بعدم مبارحته ذلك المكان دون ترخيص ..
و لم يحدد المشرع التونسي ضمن فصول المجلة الجنائية كل الإجراءات التي تنظم تطبيق قرار المراقبة الإدارية مما فتح الباب واسعا لاجتهادات ..و تجاوزات رجال البوليس .
و تسقط العقوبة الجزائية بوفاة المحكوم عليه بها ، أو بالتقادم ( 20 سنة في الجنايات و 5 سنوات في الجنح ) أو بالعفو الخاص ، أما عقوبة المراقبة الإدارية فلم يضع المشرع نصا خاصا بالعقوبات التكميلية يحدد فيه إن كانت تخضع للتقادم أم لا بل نص على العقوبات بصفة عامة ، و قد دأب القضاء على اعتبار أن ..العقوبة التكميلية لا تسقط بمرور المدة ، باعتبارها ، حسب فقهاء القانون ” تنقضي بانقضاء المدة المحددة لها على أية حال سواء نفذت أم لم تنفذ ” .
وينصّ الفصل 150 من المجلة الجنائية على أنه : ” يعاقب بالسجن مدة عام المحكوم عليه الذي يخالف منع الإقامة أو الذي جعل تحت المراقبة الإدارية و يرتكب مخالفة الواجبات التابعة لها ” ، و هكذا تكون محكمة الناحية هي المحكمة المختصة بعقاب عدم احترام تراتيب المراقبة الإدارية ، و قد رأت محكمة التعقيب التونسية أن مخالفة موجبات المراقبة الإدارية ” تكون بتنقل المحكوم عليه خارج المكان المحدد له دون أخذ رخصة ، أو أن لا يتواجد بمسكنه من غروب الشمس إلى شروقها ، أو لا يقدم نفسه إلى مركز الأمن أو لم يحضر إلى مركز الأمن إذا ما وقع استدعاؤه ..” كما يعاقب القانون التونسي المشارك في عدم احترام تراتيب المراقبة الإدارية ، فقد نص الفصل 151 من المجلة الجنائية على أنه : ” فيما عدا الإستثناءات المقررة بالفصل 149 من هذه المجلة يعاقب بالسجن مدة 6 أشهر كل من يتعمد التستر على محل اختفاء المحكوم عليه الذي ارتكب مخالفة منع الإقامة أو خلص نفسه من المراقبة الإدارية “
التطبيقات الفعلية لعقوبة المراقبة الإدارية
I. تونسيون تحت المراقبة الإدارية: مواطنون أم رعايا …؟
1 . المراقبة الإدارية والإمضاءات الدورية لدى مراكز الأمن.يتمثل هذا الإجراء في الحضور الإجباري للسجين السياسي المسرح إلى مركز أمني أو أكثر بقصد الإمضاء في سجلات الحضور،و طوال عشرية التسعينات كان يتوجب على كثير من السجناء السياسيين المسرحين أن يكرروا ذلك لعدة مرات في اليوم الواحد، ومع أن المحاكم التونسية لم تعمم العقوبة التكميلية على جميع المحكومين في محاكمات التسعينات ، ولم يكن قرار المراقبة الإدارية قد صدر في حق جميعهم، فإنه من الناحية العملية ،كانت الدوائر الأمنية تتعمد إجبار جميع المسرحين على الخضوع إلى تراتيب المراقبة الإدارية بصورة قسرية مسلطة بذلك على المسرحين من السجناء عقوبة تكميلية لم تقض بها المحاكم، أما من قضت في حقهم بالعقوبة التكميلية فقد كانت هذه الدوائر الأمنية تتفنن في استنباط أنماط من العقاب قصد التنكيل والتشفي والإذلال ، ولم يكن ذلك طوال عشرية التسعينات خافياً عن المراقبين و نشطاء حقوق الإنسان، رغم تعذر وصول السجناء المسرحين إلى جهات حقوقية لعرض شكاويهم . ورغم أنه لا وجود لنص قانوني يلزم السجين السياسي المسرح على الحضور لدى مركز الأمن للإمضاء ، ورغم الشكايات التي قدمتها جهات حقوقية في حينها ضد هذا الاستخدام الفاحش للنفوذ بصورة لا يبررها القانون ، فقد تمسكت الدوائر الأمنية بحقها في الاجتهاد وفق ما تراه مناسباً في تطبيق تراتيب المراقبة الإدارية على المساجين المسرحين غير عابئة بحجم الانتهاكات المنجرة عن مثل هذا الإجراء، الذي طال الحقوق المكتسبة للمواطن بعد انقضاء مدة العقوبة السالبة للحرية. فالحضور بالنسبة للسجين المسرح مرة واحدة في اليوم لدى مركز الأمن بقصد الإمضاء كان يستغرق غالباً ساعات طويلة بين عدد من الكيلومترات في طريق الوصول إلى مركز الأمن ثم الانتظار في محلات الأمن لدواعي واهية ( انتظار قدوم المسؤول على سجلات الإمضاء ، انتظار فراغ المسؤول على سجلات الإمضاء من مهام أخرى، إنتظار رئيس المركز الجديد للتعرف على السجين المسرح..الانتظار دون سبب..). وهو ما يمنع عن السجين المسرح كل الأبواب الممكنة للارتزاق أو التداوي ما دام الإمضاء يتم دائماً في الساعات الوسطى من الدوام الإداري(بين الساعة 9 صباحاً والساعة 11) أو( بين الساعة 3 من بعد الظهر و الساعة 5 منه) فيقطع عنه كل فرص لإعادة الاندماج الاجتماعي، و يشطب بالتالي حيوية المجال الاجتماعي بصورة كاملة عن السجين المسرح، ناهيك عما يستتبع ذلك من إنهاك نفسي وإذلال معنوي.
فالدكتور محمد التومي بن نجمة وهو طبيب نفساني قضت في حقه المحكمة العسكرية ببوشوشة في أوت 1992 بالسجن خمسة سنوات وبنفس المدة مراقبة إدارية تم إطلاق سراحه سنة 2007 ، فاجبر على الحضور إلى مركز الشرطة يومياً(بإستثناء السبت والأحد) عند الساعة التاسعة صباحاً والثالثة بعد الظهرمن كل يوم إلى مركز شرطة القرجاني وعند الظهر وعند الساعة الخامسة مساء من كل يوم إلى مركز شرطة سيدي البشير وإضافة إلى ذلك، كان عليه الحضور عند الساعة الحادية عشرة إلى مقر الحرس الوطني في باردو ومرتين في الأسبوع إلى مركز شرطة ابن خلدون، بحيث بلغ مجموع إمضاءاته اليومية سبع مرات في مواقع أمنية مختلفة ، وبعد سنتي خُفّض عدد الإمضاءات إلى خمس مرات في اليوم واستمر ذلك إلى حدود سنة 2000 ثم إلى ثلاثة مرات يومياً ، وقد رفض طلبه الحصول على تصريح قصد فتح عيادة طبية خاصة. أما السيد علي الشرطاني السجين السياسي السابق أصيل قصر قفصة فبعد أن قضى ستة عشر شهراً في السجن بتهمة الانتماء إلى جمعية غير مرخصة ، ظل بعد سراحه في 23 أفريل 1992 وإلى غاية جوان 2001 يخضع للمراقبة الإدارية بدون حكم قضائي ويُجبر على الحضور لدى فرقة الأبحاث والتفتيشات بمنطقة الحرس بقفصة ومركز الشرطة الراجع إليه بالنظر والفرقة المختصة وفرقة الإرشاد بمنطقة الأمن أربع مرات في اليوم الواحد وقد تزيد إلى 6 مرات أحياناً بصورة متواصلة طوال 6 سنوات وبعدها خفض حضوره إلى مرتين ،وبين 1998 و 2001 خفض حضوره الإجباري لدى مركز الشرطة مرة في الأسبوع. أما السيد محمد الصالح قسومة فيُجبر على الإمضاء مرة كل 48 ساعة رغم أن قرار”المراقبة الإدارية” عدد 17958 الصادربخصوصه عن وزير الداخلية في 12 نوفمبر 2007 لا يتضمن في أي من فصوله الأربعة وجوب الإمضاء ..! أما السيد محمد علي بن رجب أصيل مدينة الحامة بالجنوب التونسي، متزوج وأب لخمسة أطفال، سجين سياسي سابق حكم عليه بـ13 سنة سجنا قضّى منها نحو10 سنوات،كان أبلغه أعوان الأمن فور سراحه في فيفري 2006،أن عليه حكم بخمس سنوات مراقبة إدارية وأنه يتوجب عليه الحضور يوميا على الساعة العاشرة صباحا بمركز الشرطة بمدينة الحامة بالجنوب التونسي. أما السيد علي العريض القيادي في حركة النهضة فإنه اُجبر بعد سراحه من السجن في نوفمبر 2004، على الحضور يومياً، ولمدة سنة كاملة، قصد الإمضاء في سجلات الحضور بمركز الأمن. ثم قضىّ سنة كاملة مجبرا على الحضور مرة في الأسبوع في يوم محدد وفي وقت محدد ودون انقطاع مهما كانت الذرائع والأسباب فهي كلها معتبرة غير شرعية ويهدد بإعادته إلى السجن في حال التخلف عن الحضور. ويفترض أنيكون قد أنهى مدة المراقبة الإدارية في نهلية سنة 2009 .والسيد علي الإصبعي الذي يبلغ من العمر سبعة وسبعين سنة، تعرّض لتتبعات أمنية سنة 1986 وحُكم عليه سنة 1987 بأربعة أشهر سجناً ثم أوقف سنة 1991 وحكم عليه في سنة 1992 أمام المحكمة العسكرية بـستة سنوات سجنا وبعقوبة تكميلية لخمسة سنوات مراقبة إدارية، وبعد الخروج من السجن وإقامته بالعاصمة اُجبرعلى الإمضاء لدى عدد من مراكز الأمن ولعدة مرات في الأسبوع ومُنع من مغادرة العاصمة إلى مدينة الحامة(مسقط رأسه) لقضاء بعض الشؤون العائلية وهو إلى اليوم محروم من جواز سفره. أما الأمين العام الأسبق للإتحاد العام التونسي للطلبة السيد عبد الكريم الهاروني الذي لم يكد يسترجع أنفاسه إثر 17 عاماً من السجن ، حتى تعلل أعوان البوليس السياسي بمركز 5 ديسمبر باستدعائه لتسليمه بطاقة الهوية لكن لدى وصوله إلى مركز الأمن أبلغ أن عليه الامتثال لإجراء الإمضاء اليومي، و بعد استشارة محامييه كان رده أن حكم المراقبة الإدارية لا يتضمن هذا الإجراء ، فضلا عن أنه يعني في الواقع ..” إعداما اجتماعيا ” وهو بهذه الحال يفضل العودة إلى السجن على الخضوع لهذا الإجراء الظالم .
2 . الإهانة بمناسبة الإمضاء اليومي لدى مخافر الأمنيُجبر السجين السياسي المسرح على قضاء عددٍ من الساعات يومياً، وهو في طريقه للحضور لدى مركز الأمن الذي يعود إليه بالنظر،كما يبقى، في الانتظار، عن عمد لساعات أخر في مركز الأمن بتعلات واهية، لكن ما يتعدى ذلك هو تعريض السجين المسرح إلى الإهانة والسب بمناسبة حضوره لدى مركز الأمن للإمضاء اليومي. وكان هذا السلوك في تسعينات القرن الماضي يمارس بصورة شائعة ضد الدفعات الأولى من السجناء السياسيين المسرحين، حين يُدعى السجين للحضور في ساعة محددة من أول صباح كل يوم ولدى حضوره يُنهر لكونه حضر باكراً وعليه العودة بعد نصف ساعة أو ربع ساعة ، وأن لا يبقى في الانتظار بل يرجع إلى منزله ثم يعود إلى مركز الأمن في الموعد الذي حدد له من جديد وعند وصوله ثانية عليه الإنتظار، ثم عليه أن يتحمّل أصنافاً من الكلام النابي والإهانات والصفعات على الرأس وهي حركة لايُراد من خلالها إيقاع الألم به بل إذلاله. فبعد أن قضى السجين السياسي السيد معتوق العير16 عاماً من السجن واُفرج عنه بموجب سراح شرطي في 5 نوفمبر 2006 وأجبر بعدها على الخضوع إلى تراتيب المراقبة الإدارية بوصفها عقوبة تكميلية، ظل يتعرض بصورة متكررة لاعتداءات ومضايقات واستفزازات يومية بمركز الشرطة بالعقبة بلغت حدّ احتجازه عند حضوره للإمضاء بكراس المراقبة الإدارية لساعات طويلة كما تحجز أحيانا وثائقه الشخصية.وقد حدث في 15 ماي2007 أن اعتدي عليه بالعنف الشديد وتعمد إهانته رئيس مركز الحرس الوطني بالعقبة الملازم أول المسمى قيس منصور مما تسبب له في نزيف دموي وورما بعينه اليسرى وقد منحه طبيب الصحة العمومية الذي عاينه راحة لمدة عشرة أيام وسلّمه شهادة طبية في الغرض . أما السيد عيسى العامري الذي يَخضع للمراقبة الإدارية منذ سراحه في 24 جويلية 2007 ، فيُعاني من (B7) وهومرض جلدي( فقاعات متقيحة مع دم مع حمى دورية) وهو أيضاً مصاب بماء في العين و يُعالج الآن في مستشفى شارل نيكول. ورغماً عن كون السيد عيسى العامري يُمضي على سجلات الحضور للمراقبة الإدارية في التوقيت الإداري فقد قام عون للأمن يدعى ” مكرم ” تابع لمركز أمن المروج 5 بإهانته و سب الجلالة وتوعده بالتشديد عليه والتضيق عليه.وقد أرسل السيد عيسى العامري ببرقية لرئاسة الجمهورية وبأخرى إلى وكيل الجمهورية طالباً إنصافه لأنه تعرض للسب والإهانة بدون مبرر. والسجين السابق منصف بن حبيب بن الطاهر السعيداني(المقيم ببئر مسيوغة- ضاحية بنزرت الجنوبية) الذي قضى3 سنوات خلف القضبان بموجب ما يسمى ” قانون مكافحة الإرهاب ” تستمر معاناته مع 3 سنوات أخرى من المراقبة الإدارية ويُجبر على الإمضاء اليومي بسجلات الحضور منذ سراحه في أوت 2008 لدى مركز الحرس الراجع إليه بالنظر, غير أن الأمر لم يقتصر على إخضاعه لهذا الإجراء غير القانوني ، بل عمد الأعوان وبأمر من رئيس مركز الحرس المسمى عبد الله التليلي إلى إجباره على الحضور يومياً في مواعيد غير قارة، يتعذر معها ترتيب حياته العملية وهو يؤكد أن الأعوان يعمدون في كل مرة بعد تقييد معصميه بالأغلال إلى إهانته وشتمه والتطاول على مقام الجلالة وإستفزازه بالبسق في وجهه وسب والديه .
كما تعرض السجين السابق السيد طارق ناجي إلى عملية إنتقام وتشف دامت خمسة أيام طافت به خلالها سيارات الشرطة و البوليس السياسي على امتداد البلاد التونسية من شمالها إلى جنوبها مرورا بـ7 ولايات و7 مناطق شرطة فبعد إيقافه بمدينة بنزرت على الساعة الخامسة من بعد ظهر الاربعاء11 /06/2007 في منزل شقيقته بحي الجلاء ،احتجز ليلة كاملة بمنطقة الشرطة ببوقطفة ثم تم نقله في الغد الخميس12/06/2008 إلى مركز الإيقاف ببوشوشة (تونس العاصمة ) حيث قضى ليلة أخرى وفي اليوم الموالي (الجمعة) تم نقله إلى مركز إيقاف بمدينة سوسة ومنها نقل إلى صفاقس ثم إلى سيدي بوزيد حيث قضى ليلته الثالثة بها وفي اليوم الموالي تم نقله إلى مدينة قفصه ثم إلى توزر ليقضي يومي السبت و الأحد في مركز شرطة المدينة قبل أن يتم تحويله يوم الإثنين صباحاً إلى محكمة الناحية بتهمة مخالفة تراتيب المراقبة الإدارية فنال حكما بالسجن لمدة شهرين مع تأجيل التنفيذ، ويذكر أن طارق ناجي الذي يقيم في مدينة توزر كان اُذن له بالسفر إلى بنزرت لزيارة شقيقته التي تقيم هناك غير أن المسؤولين بمركز الأمن أنكروا أن يكونوا قد أذنوا له بذلك. ولأن الأذونات لا تقدم إلا مشافهة فقد كان يسهل دائماً عند الإنتقام من السجين إنكار حدوث الإذن بصورة فعلية، بينما يسهل إثبات مخالفة السجين لتراتيب المراقبة الإدارية كلما عنّ ذلك لأحد الإجهزة الأمنية.
3 . المنع من العملقامت السلطات التونسية خلال الأيام 15و16 ماي 2002 بهدم خمس دكاكين (في منطقة وادي فريانة على الطريق العام), تابعة للسجين السياسي السابق السيد صالح العابدي الذي كان قد غادر السجن في سنة 2001. كما قامت السلطات أيضاً يوم 29 ماي 2002 بهدم ثلاث دكاكين (بنهج صبرا وشاتيلا بحي الزهور -3- بتونس العاصمة), تابعة للسجين السياسي السابق, السيد محمد الخلفاوي. وذلك رغم حصول السيد الخلفاوي على شهادة نشر من المحكمة الإدارية, تقضي بوقف الهدم, إلى حين بتّ المحكمة في الأمر. وكان المسمى علي الحمزاوي, رئيس منطقة الشرطة بالسيجومي, قد خاطب السيد الخلفاوي, قائلا بأن ما فعله به هو تشف فيه, كي لا يفكر مستقبلا في الاعتماد على نفسه . أما السجين السياسي السابق السيد جلال الكلبوسي الذي حكم في تسعينات القرن الماضي بـ26 سنة سجنا و أمضى منها 11 عاماً قبل أن يُفرج عنه في 24 جويلية 2007 ، فبعد أن تحصل على عمل لدى الشركة التونسية لصناعة الإطارات(STUP) وباشر فيها مدة تسعة أيام، تدخلت منطقة الأمن بمنزل بورقيبة لتضغط على صاحب الشركة لطرده واصفة إياه بـ” شخص خطير”. وكان سبق لجلال الكلبوسي أن تعرّض فور خروجه من السجن لمحاولة ابتزاز حين تقدم بطلب استخراج بطاقة تعريف وطنية ، حين عـُرض عليه لأجل تسهيل تلبية طلبه التوقيع على وثيقة إبراء ذمة لفائدة شركة البناءات الميكانيكية والبحرية المعروفة اختصارا بـ(SOCOMENA) الكائنة بمدينة منزل بورقيبة، يُسقط بموجبها حقوقه في اثني عشر سنة قضاها يعمل لحساب الشركة. وفي 23/02/2008 قام البوليس السياسي بغلق المحل التابع للسجين السياسي السابق السيد محمد بن عثمان نصري والمعد لتجارة الملابس المستعملة و الذي يستغله منذ سنوات ، كما قام في نفس اليوم بإغلاق المحل التجاري الراجعة ملكيته إلى زوجته السيدة زهرة بوعزى رغم امتلاكها رخصة قانونية لاستغلال مركز عمومي للاتصالات مؤرخة في 19/06/1999 وصادرة عن والي القصرين تؤكد استجابة المحل لكل المواصفات والشروط القانونية، وقد أعلمها البوليس السياسي أنه يمكنها استرجاع رخصتها بشرط أن تقوم بتطليق زوجها. وتجدر الإشارة أن السلطات الإدارية اتخذت قرار غلق المحلين في وقت متزامن إذ اتخذ القرار في نفس اليوم وهو 02/02/2008،كما عمدت السلطات الأمنية إلى الإسراع بتنفيذ القرارين في نفس اليوم أيضاً و ذلك بتاريخ 23/02/2008 كما أن عدد القرارين متواليين إذ يحمل الأول عدد (926) و الثاني عدد (927) و قد وقع تنفيذ القرارين دون أن يتم إعلام المعنيين بالأمر بالقرارين في الأجل القانوني و دون أن تسلم لهما أي وثيقة بلدية . وتجدر الإشارة أيضا إلى أن السجين السياسي السابق السيد محمد عثمان نصري كان حكم عليه في بداية التسعينات بالسجن مدة أربع سنوات مع عقوبة تكميلية تتمثل في 5 سنوات مراقبة إدارية وأفرج عنه سنة 1994 بموجب سراح شرطي ، وأجبرت زوجته الأولى أثناء وجوده في السجن على تطليقه كرهاً وتحت التهديدات والضغوطات التي سلطها عليها أعوان البوليس السياسي لفرقة الإرشاد بولاية القصرين، وكان طيلة سنوات عرضة للمداهمات الليلية والهرسلة الأمنية و الاعتداءات بمختلف أشكالها . وفي تونس العاصمة عمد المسؤول عن ملف المساجين السياسيين المسرحين بمنطقة الشرطة بباردو المدعو غالب الجلاصي إلى استدعاء صاحبة شركة أدوية و إجبارها اواخر نوفمبر 2008 على طرد خمسة من العملة ( جميعهم من المساجين السياسيين المسرحين ) وهم السادة سامي السيفي ومحمد الجلاصي وماهر الخلصي وخالد حسني وحمادي الرباعي ، وكان هذا المسؤول الأمني قد زار في بداية أكتوبر 2008 مكتب صاحبة شركة الأدوية رفقة عونين من البوليس السياسي وطلب قائمة في أسماء العملة وعناوينهم ثم تكررت الزيارات من أعوان البوليس السياسي إلى مقر نفس الشركة يومي 6 و7 نوفمبر2008 وكانت الأسئلة حول انتماءات المساجين المسرحين وهل كانت صاحبة الشركة تعلم قبل تشغيلهم بماضيهم، وسبب عدم دعوتهم للإستظهار بـ” بطاقة السوابق العدلية ” المسماة اختصارا بـ :B3) ). وفي ولاية بنزرت عمد أيضاً أعوان البوليس السياسي بمنطقة الشرطة برأس الجبل ، و خاصة العون المدعو محمد علي قرط إلى مضايقة المساجين المسرحين ممن سبقت محاكمتهم بموجب قانون 10 ديسمبر2003 (ما يسمي مكافحة الإرهاب) فقد نبّه على مشغّل الشاب محمد باشا يوم الإثنين17 نوفمبر 2008 بضرورة طرده باعتباره من أصحاب ” الشبهات ” ثم في مناسبة ثانية وبمجرد حصول الشاب محمد باشا على عمل آخر ( سائق بمخبزة ) اتصل أعوان فرقة الإرشاد بصاحب العمل للضغط عليه و لثنيه عن تشغيله بعد إعلامه بأنه سيتعرض لأخطار بتشغيله ” شخصا خطيراً “. و الأمر نفسه حدث مع السجين السابق الشاب منصف بن حبيب بن الطاهر السعيداني ( من بئر مسيوغة – من ضواحي بنزرت) فحين إكتشف البوليس السياسي عمله الجديد المتمثل في بيع الخضراوات في أحد الأسواق بعثوا وراءه أعوان تراتيب بلدية بنزرت ليحجزوا سلعه. أما السجين السابق أبوبكر الشرّادي ( القاطن بجرزونة ضاحية مدينة بنزرت ) فقد تعرض يوم السبت 28 جوان 2008 للاختطاف أثناء مباشرته لعمله (بائع متجول) و تم احتجازه بمركز الشرطة بمدينة جرزونة بعد حجز”آلة وزن ” ولم يفرج عنه إلا بعد تدخل نشطاء حقوقيين من بنزرت رفقة والده وقد أفاد أنه تعرّض للتعنيف والركل و عمد أحد الأعوان إلى ضرب رأسه على شباك سيارة الأمن.
ويشكوالسجين السياسي السابق السيد حافظ المزهودي من منزل بورقيبة من ما آل إليه حاله وحال عائلته، فقد عبر علنيا على رؤوس الملأ ( بعد صلاة الجمعة بجامع الكبير ) عن احتجاجه على سياسة التجويع التي تتعرض لها عائلته حيث وقع حرمانه وحرمان شقيقه الآخر من العمل، وعدم تمكين شقيقه الأكبر من بطاقة مهنية لتشغيل مصنع أعدّ له تجهيزاته عند رجوعه النهائي من الخارج، كما أن شقيقته المتخرجة من المعهد الأعلى للتوثيق سنة1997 مُنعت عديد المرات من حقها في الشغل بسبب إيقاف أخيها لأسباب سياسية وذلك رغماً عن أن والدته المسنة و شقيقه الأصغر يشكوان من إعاقة عضوية تستوجب المساعدة الاجتماعية . أما السيد عبد الحميد الحويشي أصيل مدينة قفصة، الذي أمضى متنقلاً بين السجون التونسية 14 عاماً فقد أبلغ في 17 سبتمبر2008 بقرار الطرد من قبل مشغّله وذلك بعد أشهر من مباشرته للعمل حيث أستدعي رب العمل إلى منطقة الحرس وأنذر بتحمل المسؤولية إن هو لم يطرد السيد عبد الحميد حويشي
****
وبعد أن قضى السجين السياسي السابق عبد السلام السميري 8 أعوام و3 أشهر سجن اُفرج عنه في6 نوفمبر 1999وحين تمكن من العثورعلى شغل بشركة إفريقيا الصناعية بمقرين(من ضاحية تونس العاصمة) قام صاحب المؤسسة بطرده من العمل بعد ضغوطات من جهات أمنية. أما السجين السياسي السابق حبيب اللوز[1] من مدينة صفاقس، فإضافة إلى المضايقات الخاصة به والمراقبة اللصيقة والمستمرة التي يعانيها منذ سراحه في 5 نوفمبر 2006 فقد تحول الاستهداف الأمني إلى ابنه حين أصبحت المراقبة مركزة على محل عمله بمرابطة سيارة لأعوان أمن بزي مدني أمام المحل بصورة دائمة أزعجت الحرفاء وأقلقت مسوّغ المحل الذي دُفع بضغوطات من بعض أجهزة السّلطة الأمنية و الحزبيَّة إلى إخراجه من المحلّ ، فانتقل إلى العمل في المنزل بل استدعوا مسوّغ المنزل الذي تقطنه عائلة اللوز لاستنطاقه حول كرائه المنزل و حول مبرّرات تمكينه لابن الحبيب اللوز من العمل في المنزل، فتوقف أبن الحبيب اللوز عن عمله بالمنزل لأن الخوف صرف حرفاءه عنه ولأن الضغوطات على مسوّغ المنزل فاقت احتماله. كما قام أعوان الحرس الوطني بمدينة منزل جميل يوم السبت 24 جانفي 2009 بإيقاف السجين السابق الشاب محمد بن رضا الجبالي خلال ساعات عمله بدعوى تنفيذ إجراءات “المراقبة الإدارية “،وقاموا بتعنيفه وضربه على رأسه ثم حجزه لديهم بمركزالأمن،ما حمله على الإضراب عن الطعام خلال الأيام الثلاثة للايقاف وفي يوم الثلاثاء 27 جانفي 2009 تم عرضه على المحكمة الابتدائية ببنزرت بعد أن وجهت له عدة تهم من بينها حمل سلاح أبيض« cutteur» وهي من بين أدوات شغله التي كانت معه لحظة إيقافه»، لكن بعد أن أطلقت المحكمة سراحه تم ايقافه في ذات اليوم،وقام أعوان أمن منزل جميل بتسليمه إلى أعوان مركز الأمن بجرزونة الذين احتجزوه لديهم ثانية، بدعوى أن بطاقة تفتيش كانت قد صدرت في حقه، وأطردوا والدته التي جاءت للسؤال عنه،ثم قاموا لاحقاً بتحويله إلى مركز بوقطفة للأمن الوطني ببنزرت حيث يقضي فيها ليلته موقوفاً. وكان الشاب محمد بن رضا الجبالي من مواليد سنة 1982 قد قضى سنتين وسبعة أشهر سجناً بتهم تندرج ضمن قانون 10 ديسمبر 2003 لمكافحة ما يسمى”قانون مكافحة الإرهاب “وظل بعد سراحه تحت سيف المراقبة الإدارية المسلط عليه يُعاني الهرسلة الأمنية والمداهمات المتكررة لمحل إقامته. أما في مدينة العالية من ولاية بنزرت فلا يزال رئيس مركز الأمن مصرا على تجويع السجين السياسي السابق ا الحبيب بوسنينة بمنعه من كسب قوته حيث يعمد إلى الإعتداء عليه أمام حرفائه بالسوق الأسبوعية مما حكم عليه ببطالة إجبارية و أضر بتجارة مشغله صاحب المحل السجين السياسي السابق عبد العزيز بن سعيد .
4 . الحرمان من وثائق الهوية وجواز السفر .
قام السجين السياسي السابق حسين الجلاصي بتقديم مطلب أول لإستخراج جواز سفره بتاريخ 16 مارس 2004 ثم مطلب ثان في أواخر سنة 2004، رفع بعده دعوى أمام المحكمة الإدارية طعناً في القرار الضمني القاضي برفض تمكينه من جواز سفر وفي 3 ماي 2006 أصدرت الدائرة الإبتدائية الثانية في القضية عدد14487/1 حكمها القاضي بقبول الدعوى الذي رفعها السيد حسين الجلاصي، شكلاً وأصلاً وإلغاء الـقرار الضمني المطعون فيه. و قد قضت الدائرة الإستئنافية الأولى بالمحكمة الإدارية في 11 ديسمبر 2007 برئاسة القاضية نبيهة الشائبي مقطوف برفض استئناف وزير الداخلية وحمل المصاريف القانونية عليه،وإقرار الحكم الابتدائي لكن هذا الحكم القضائي لم ينفذ حتى الان . أما السجين السياسي السابق علي الرواحي الذي كان أمضى تسعة سنوات في مختلف السجون التونسية بين ماي 1994 و جويلية 2003، ليخضع بعد سراحه إلى عقوبة تكميلية متمثلة في 5 سنوات مراقبة إدارية، فقد خاض إبتداءاً من 29 نوفمبر 2003 إضراباً عن الطعام احتجاجا على عدم تمكينه من جواز سفره وعلي لرواحي الذي لم يعرف تونس إلا خلال فترة طفولته إرتحل سنة1962 مع عائلته لفرنسا، ورغم محاولاته منذ نحو ستة سنوات للحصول على جواز سفر لاتزال طلباته ومناشداته إلى اليوم تلقى رفضاً ولا مبالاة من قبل السلطات المعنية. أما السجين السياسي المسرح علي بالعيدي فبعد قضائه 3 أعوام سجنا وسراحه سنة 1999 , وبعد انقضاء مدة العقوبة التكميلية الممثلة في المراقبة الإدارية، رفضت وزارة الداخلية منحه بطاقة السوابق العدلية مما جعل كل الملفات التي تقدم بها للحصول على عمل غير مستوفية الشروط ” القانونية ” كما أمعنت ” إدارة الحدود و الأجانب ” في مماطلتها وإصرارها على أن مطلبه لا يزال” قيد الدرس “وكان السيد علي البلعيدي قد تقدم بمطلب أول للحصول على جوازسفر سنة 2002 ثم أعاد تقديم المطلب في 22 جانفي 2008 و لم تنجح كل مكاتباته للدوائر المعنية في إقناع إدارة الجوازات بتطبيق القانون و احترام مقتضيات الدستور. أما الدكتور منصف بن سالم فكان قدم العديد من المطالب للحصول على جواز سفره لكن باءت جميعها بالرفض الضمني و التجاهل، وفي سنة 2006 ظفرت ابنته مريم-الحاصلة على الإجازة في الإعلامية بإمكانية مواصلة دراساتها العليا في الخارج فتقدمت بمطلب للحصول على جواز سفر كما تقدم والدها للمرة السابعة بنفس الطلب إلا أن وزير الداخلية رفض المطلبين معا، فتولى الأستاذ عبد الوهاب معطر، في حقهما ، رفع قضية في تجاوز السلطة ضد وزير الداخلية الذي برر موقفه بأن : (.. سفر السيد منصف بن سالم و الآنسة مريم بن سالم من شأنه النيل من النظام و الأمن العامين ومن سمعة البلاد التونسية ..!) وكانت الدائرة الرابعة لدى المحكمة الإدارية قد نظرت يوم الخميس 25 أكتوبر 2007 في القضية عدد 4/1565 المتعلقة بامتناع وزارة الداخلية عن تسليم الدكتور منصف بن سالم وابنته مريم جوازي سفرهما، وقد أنصفته المحكمة الإدارية في 15جويلية 2009 بقبول إعتراضه بينما رفضت الأجهزة الامنية تطبيق الحكم القضائي . وبعد طلبات عديدة قدمها السجين السياسي السابق محمد نجيب الكريفي للحصول على جواز سفره، في01/02/2003 وفي 14/09/2004 ثم في19/01/2008 وأخيراً في20/06/2008، تصر إدارة الحدود والأجانب على تمسكها برفض تسليم السيد الكريفي جواز سفره، لكن في 01 /11/2008 وافقت على قبول الوثائق الخاصة باستخراج جواز السفر مع تقديم وصل استلام بتاريخه تحت عدد 186لكن بعد مرور المهلة القانونية، وتنقله بين مركز أمن سيدي عمر بولاية نابل وبين منطقة الأمن الوطني ثم منها إلى إدارة الحدود والأجانب ، لا تزال الإدارة تماطل في تمكينه من حقه بضغط واضح من البوليس السياسي .
ويجدر التنويه أن الأسماء الواردة بالملاحق لمساجين الرأي والمساجين السياسيين ومساجين ما يسمى ” قانون مكافحة الإرهاب “هي في المحصلة قائمة أولية للمحرومين من جوازات السفر ..!
****
******
أما السجين السياسي السابق مختارالدريدي المقيم بمدينة منزل بورقيبة فقد ظل في انتظار استرجاع بطاقة تعريفه الوطنية بعد أن حجزها أعوان للأمن بزي مدني لدى مركز أمن العالية منذ 24 نوفمبر 2008. وذلك حين كان يشتغل بسوق العالية الأسبوعي برخصة إنتصاب قانونية.وكان احد أعوان البوليس رغب في إجراء إسترشادات عن قضيته وأسماء من حوكموا معه وأي إلتزام كان له مع حركة النهضة،ولدى رفضه الإجابة قام بحجز بطاقة تعريفه الوطنية . وظلت الأجهزة الأمنية تمتنع لعدة أشهر عن تمكين السجين السياسي السابق عبد الكريم بعلوش من بطاقة التعريف الوطنية، وكان السيد بعلوش تقدم في15 ديسمبر2008 بطلب إستخراجها لدى مركز حرس فوشانة الشمالية بدلاً عن بطاقته القديمة التي احتجزتها الفرقة المختصة عند إعتقاله في تسعينات القرن الماضي.
و الغريب أن الدوائر الأمنية تتعلل بـ « أسباب فنية»:
ـو أن بطاقة التعريف القديمة غير مدرجة في الإعلامية
ـ وأن مطلب إستخراج بطاقة التعريف لا يشير إلى عمل المعني بالأمر
ويُذكر أن عبد الكريم بعلوش كان قد اُطلق سراحه في 05 نوفمبر 2008 ضمن آخر مجموعة أخلي سبيلها من مساجين حركة النهضة، بعد سبعة عشر سنة قضاها متنقلاً بين السجون التونسية.وكان يُفترض أن تُهيّأ له ولغيره السُبل للإندماج في الحياة العامة ليستعيد حياته الإجتماعية من جديد، إلا أن بقاءه بدون بطاقة تعريف وطنية يَعني حرمانه من حقه في عدد من مناشط الحياة مثل العمل والدراسة وإبرام العقود وإنجاز المعاملات الإدارية ناهيك عن وضعه عرضة لإيقافات دوريات الأمن إلى حين التعرف على هويته.
ويمكننا أن نذكر عينة من أسماء السجناء السياسيين السابقين الذين واجهوا مشكلات جمة ومماطلات مملة أضرت بمصالحهم وقد أمضوا زمن طويلاً بإنتظار الحصول على بطاقات هويتهم الوطنية نذكر من بينهم السادة :
* لسعد الجوهري ( لم يحصل على بطاقة هويته حتى كتابة هذا التقرير )
* محمد المولدي المنصوري ( لم يحصل على بطاقة هويته حتى كتابة هذا التقرير )
* منير بالطيب
* بشير الخلفي
* منير الشرقي
* فرج الجامي
* نور الدين العرباوي
5 .الحرمان من الحق في العلاج
السجين السياسي السابق توفيق الزايري يخضع منذ سراحه في جويلية 2007 لعقوبة المراقبة الإدارية لمدة 15 عاماً ويضطر للتحوّل من بوعوان(ولاية جندوبة) حيث يقيم إلى مستشفى شارل نيكول بتونس العاصمة(حوالي.160.كم) لإجراء الفحوصات التي تتطلبها حالته الصحية، ويتمسك رئيس مركز الأمن ببوعوان بـ« حقه » في الإحتفاظ بنسخة من الملف الصحي لتوفيق الزايري وبتفاصيل مواعيد علاجه بتونس، كما يصر رئيس المركز ، بعد الإذن له بالتنقل إلى تونس العاصمة على تتبع توفيق الزايري في جميع محطاته، منبهاً إياه إلى عدم غلق هاتفه الجوال ليتسنى له مخاطبته في كل حين والتعرف على موقعه خلال رحلة العلاج ، وحين تكون الرخصة لأيام متتالية، لا يسمح له بالمغادرة إلا بعد التزامه بعدم المبيت عند أي أحد من أصدقائه أو معارفه بما يفرض عليه الإقامة بنزل، فيتعين عليه أن يدفع ما يزيد عن 300 د إلى 400 د بين إقامة في الفندق و أكل وشرب وتنقلات. وفي أحيان كثيرة يتلقى اتصالا هاتفيا من الساهرين على” مراقبته إداريا” يطالبونه بالعودة..دون إتمام فحوصاته .
ويشتكي توفيق الزايري من عدد من الأمراض هي:
- انسداد شراين كامل الرجل اليسرى(phlepite)
- كمية ماء بين القلب والغشاء (pericardite)
- كمية ماء في الجانب الأيسر(épanchements plerale)
- مخلفات سل الغدد والرئتين
وبسبب المشاق التي يتكبدها توفيق الزايري، طلب من مركز الأمن تغيير محل الإمضاء من بوعوان إلى بوسالم حيث يعتزم الإشتغال بالتجارة هناك فرفض طلبه ولم يُترك له إلا خياراً واحدا هو قطع طريقً العودة من بوسالم إلى بوعوان( حوالي 10 كلم ) للإمضاء على سجل المراقبة الإدارية يومياً وتصر الدوائر الأمنية في ولاية المهدية بحرص من رئيس مركز الحرس بالسواسي على وجوب حضور السجين السياسي السابق محمد الصالح قسومة لدى مركز الحرس قصد الإمضاء في سجلات الحضور رغم أن قرار” المراقبة الإدارية ” عدد 17958 الصادر عن وزير الداخلية في 12 نوفمبر 2007 في حقه لا يتضمن في أي من فصوله الأربعة على وجوب الإمضاء، لكن يوجب عليه الإقامة بالزعيرات بأولاد مولاهم بالسواسي وذلك لمدة خمسة أعوام و أنه لا يمكن للمعني بالأمر تغيير مكان إقامته بدون رخصة، ووفق ذلك يحظر عليه التنقل قصد العلاج و التواصل مع أفراد عائلته بالتعلل بوجوب الموافقة المسبقة عند كل تنقل مهما كان سببه ومعلوم أن السيد قسومة يشكو من أمراض عديدة يستوجب بعضها عناية خاصة يستحيل توفيرها في القرية الصغيرة التي يقيم بها ، أما السجين السياسي السابق عبد الحميد الجلاصي الذي أجرى في مستشفى صالح عزيز عمليات متعددة ( بدأت بعملية لاستئصال ورم سرطاني بالحنجرة و تبعتها تدخلات لمعالجة تعفن لاحق ) فقد ظل عرضة لتهديد جدي لحياته بعد إصرار أحد أعوان البوليس السياسي على مصاحبته داخل غرفة العناية المركزة يومي الأحد 9 نوفمبر و الإثنين 10 نوفمبر متعللا بأنه ينفذ التعليمات، كان خلالها السيد عبد الحميد الجلاصي تحت تأثر البنج.. وذلك رغم أن الإطار الطبي منع زيارته بشكل قاطع لحساسية وضعه الصحي اثر تعرضه لمضاعفات نتيجة تعفن الجرح بعد العملية التي أجريت على حنجرته يوم 2008.10.27، وأعلن السجين السياسي السابق السيد عادل العوني يوم الجمعة 13 جوان 2008 ، دخوله في إضراب عن الطعام للمطالبة بالحق في العلاج و جبر الضرر . السّجين السّياسي السّابق عادل العوني كان من ضمن الذين شملتهم محاكمات بداية عشرية التسعينات السوداء حيث حكم عليه بالسجن لمدة 14سنة و3 أشهر و أطلق سراحه بتاريخ 06/11/1998 ولم يتمكن منذ الإفراج عنه من القيام بأي عمل يضمن له استعادة نسق حياته العادية نتيجة الإعتداالذي تعرض له من نائب مدير سجن الهوارب المسمى عبد الرّحمان العيدودي سنة1996 حيث قام بضربه على رأسه مما خلف له إصابة بليغة تسببت له في عجز مستمر وأعراض خطيرة تمثلت في نوبات صرع وعجزعن النوم.
وقد تضامنت جمعيات ومنظمات حقوقية عديدة مع عادل العوني ورفاقه ممن تزامن إضرابهم عن الطعام مع إضرابه، من أجل الحق في العلاج والحق في الشغل والحق في التنقل وهذه الجمعيات الحقوقية هي : جمعية التضامن التونسي، ،الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين ،جمعية صوت حر، اللجنة العربية لحقوق الإنسان ، منظمة حرية وإنصاف، اللجنة من أجل احترام الحريات وحقوق الإنسان في تونس، جمعية الزيتونة بسويسرا ، مركز تونس لاستقلال القضاة والمحاماة، الحملة الدولية للدفاع عن المساجين السياسيين، فيدرالية التونسيين من أجل حق المواطنة عبر ضفتي المتوسط، الكرامة للدفاع عن حقوق الإنسان(جنيف) ،جمعية العدالة الدولية (لندن) ،المرصد الفرنسي لحقوق الإنسان، مركز دمشق للدراسات النظرية والحقوق المدنية، الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بسوريا.
****
*****
6 الحرمان من الحق في الدراسة:
راسل السجين السياسي السابق فتحي الورغي المفرج عنه بموجب السراح الشرطي في 5/11/2006 عدد من الجهات المسؤولة لأجل الترسيم بالجامعة إلا أنه وبعد سنة ونصف من التسويف بلغه رد رسمي من رئيس جامعة تونس بتاريخ 21/8/2007 “بتعذر الإستجابة لمطلبه لإستنفاذ حقه في الترسيم ” .بينما كان رئيس الجامعة نفسه قد فوت على فتحي الورغي فرصة التسجيل بالسنة الجامعية 2006ـ2007 حيث ورد في رده عليه بتاريخ 6 مارس 2007 ما نصه” يتعذر على الجامعة الإستجابة لمطلبكم نظرا لفوات الآجال وتقدم السنة الجامعية ، هذا مع العلم أنه يمكنك تجديد مطلبك في السنة المقبلة ” ويذكر أن السجين السياسي السابق فتحي الورغي كان إنقطع عن الدراسة بقسم الفلسفة-كلية 9 أفريل، تونس- بسبب دخوله السجن .
******
وخاض السجين السياسي السابق عادل الثابتي إضراباً عن الطعام في 5 سبتمبر 2005 احتجاجا على حرمانه من الترسيم لإتمام دراسته الجامعية في قسم التاريخ، وقد إستمر إضرابه عن الطعام نحو شهر، وقد سمح له لاحقاً بالتسجيل خلال السنة الجامعية 2005-2006 بكلية العلوم الإنسانية بـ 9 أفريل بتونس .
ومن بين الذين منعوا من التسجيل بالجامعة أو بالثانوية العامة بتعلات متعددة:
*- الطاهر الشابي
*- صابر بن عبد الله
*- المختار القاسمي
*- تاج العزيزي
*- محمد شعبان
*- يوسف الربعاوي
*- محمد العكروت
******
7 . الإحتجاز بمناسبة الزيارات الرئاسية
لم يكن يخفى على أحد أن سلوك السلطة في تونس إزاء المجتمع كانت تتسم خلال عشرية التسعينات من القرن الماضي، بقدر عال من الهوس الأمني، وهوما إنعكس على نمط العلاقة بالسجناء السياسيين عامة والإسلاميين منهم خاصة، وفيما كانت الوقائع الاحتفالية خلال المناسبات الخاصة الوطنية أو الحزبية تنشر مظاهر الفرح والابتهاج كان السجناء السياسيون المسرحون يدعون من قبل أعوان الأمن للمبيت بمخافر الأمن، لقضاء ليلتهم بها وذلك بحسب الرؤية الأمنية، ضمانة لسلامة البلاد ونجاح الاحتفال.
وطـــــــــوال
العقدين الماضيين لم يكن رئيس الدولة يغادر قصره إلى إحدى المدن التونسية حين تستدعي ذلك مناسبات وطنية أو دينية أو غيرها من الأسباب قبل أن يُجمّع السجناء السياسيون المسرحون في مخافر الشرطة للمبيت هناك ولا يغادرونها إلا حين يغادر الرئيس المدينة، وعادة ما تسبق هذه الزيارات بنحو شهر حملات اعتقال واحتجاز تعسفي تطال المسرحين من السجناء السياسيين والمسرحين من السجناء المحاكمين بموجب قانون 10 ديسمبر 2003 “لمكافحة الإرهاب” ولم تكن مثل هذه الإحتياطات الأمنية تتخذ لأجل الرئيس التونسي فقط بل يمكن أن يحدث هذا عندما يحل بتونس أحد الرؤساء المبجلين ضيفاً عليها، وتعود درجة التبجيل إلى تقديرات سيادية عالية كما يعتقد.
ومثال على هذه الممارسات نذكر ما حدث في شهر ماي سنة 2002 حيث تم اعتقال نحو إثنين وعشرين سجيناً سياسياً مسرحاً من متساكني مدينة القيروان وما جاورها و دام احتجازهم يوماً كاملاً ولم يطلق سراحهم إلا في وقت متأخر من الليل وقد كان ذلك الاحتجاز بمناسبة زيارة الرئيس التونسي لمسجد عقبة بن نافع بمدينة القيروان إحياءً لليلة المولد النبوي الشريف، ويذكر من بين من تم احتجازهم السيد الجيلاني العماري والسيد الهادي الحاجي..وغيرهم ،
المراقبة … الحصار … الإعتصار
كما قام أعوان البوليس السياسي خلال يومي 28 و29 أفريل 2008 في حيّ الملاحة ( أريانة العليا ) باختطاف ثلاثة من المساجين المسرحين هم : لسعد مرمش و الأخوين إبراهيم و علي الحرزي وإحتجازهم كامل النهار ( طيلة 9 ساعات ..!) و اكتفى الأعوان المرتدون للزي المدني بالتعلل بأن الأمر يتعلق بـ ” إجراءات عادية .. بمناسبة زيارة الرئيس الفرنسي ..! ” و قد تكررالاحتجاز في اليوم الثاني ودام من الساعة الثامنة و 45 دقيقة صباحا إلى الساعة الواحدة و 40 دقيقة بعد الظهر . وبمناسبة الزيارة السنوية التي يجريها الرئيس التونسي إلى مدينة بنزرت لإحياء ذكرى جلاء القوات الفرنسية عن بنزرت في 15 أكتوبر سنة 1963، كان عشرات السجناء السياسيين المسرحين ممن أدينوا بإنتمائهم لحركة النهضة في تسعينات القرن الماضي، قد إعتادوا أن يقضوا كل عام ليلة زيارته وإلى منتصف نهار اليوم الموالي ، طوال تلك العشرية وبعدها، محتجزين في مخافر الأمن ، إلى أن يغادر الرئيس المدينة. ويعلم المواطنون في بنزرت أنه قبل شهر من تلك الزيارة السنوية تبدأ كعادتها تزيين المدينة في نفس الوقت الذي تبدأ معها الإيقافات في الطريق العام والإستدعاءات للسجناء السياسيين المسرحين إلى مخافر أللأمن ، وفي يوم 14 أكتوبر 2002 تم احتجاز عشرات من المساجين السياسيين السابقين بمختلف مراكز الشرطة والحرس بولاية بنزرت ولم يخل سبيلهم إلاّ يوم 15 أكتوبر 2002 عند منتصف النهار. ورغم أن أغلبهم لا يخضعون للمراقبة الإدارية فقد أصرت أجهزة الأمن على إحتجازهم كما إعتادت أن تفعل كل عام من نفس اليوم، بمناسبة إحياء ذكرى جلاء القوات الفرنسية عن بنزرت في 15 أكتوبر 1963، وقد شملت هذه الإيقافات سجناء سياسيين سابقين بكل من بنزرت وماطر ومنزل بورقيبة وغار الملح وكان من بين المحتجزين :
* كمال عوينة ونبيل عبّاسية والبشير بن عمر ومصطفى الغربي وخالد العروسي قضوا الليلة في مركز الشرطة بجرزونة،
* الحبيب السهيلي والمولدي القاسمي وإدريس الدريدي وبوجمعة المزليني ومحمد علي الفرشيشي وعبد الحميد الوسلاتي والمنجي البجاوي قضوا الليلة بمركز الشرطة بحي النجاح بمنزل بورقيبة،
* محمد التركي والمنجي السُّمعي وسامي كريستو ولطفي الحشّاني قضوا اليلة بمركز الشرطة بتينجة منزل بورقيبة،
* محمد الهادي الشباب وعبد الرزّاق الطرودي بمقر فرقة الأبحاث والتفتيش بمنطقة الحرس الوطني ببنزرت،
* رضا اللواتي وجمال الدريدي قضوا الليلة بمركز الحرس ببنزرت الجنوبية،
* فتحي الفوشالي أحمد المرنيصي وتوفيق الونزرفي قضوا الليلة بمركز شرطة الروابي،
* نبيل الفوشالي ولطفي بن ظافر ورياض نعمان وخالد بن بركة قضوا اليلة بمركز شرطة بوقطفة،
والمعلوم أن هاته التجاوزات الخطيرة لم تنقطع أبداً في مثل ذلك اليوم وبمناسبة تلك الذكرى وخلال زيارة رئيس الدولة. وفي اطار تهيئة الاجواء الامنية لمثل هذه الزيارات قام يوم الجمعة 2008.10.10 أعوان أمن منزل بورقيبة مستقلين سيارة مدنية عند الساعة العاشرة صباحاً (من بينهم عون الأمن المسمى عادل المعروف بـ« ولد الشيات » ) بإعتراض الشاب بشير الطبوبي ( نجار) وهو في طريق العودة إلى ورشته بحي النجاح في مدينة منزل بورقيبة وأكرهوه على ركوب السيارة ثم إصطحبوه معهم بعد أن تركوا دراجته الهوائية لدى رفيق له ، وفي طريقهم قاموا أيضاً باقتياد الشاب محمد بن محمد دمدوم ورفيقه الشاب مُعـز العموشي لما كانا يقومان بترميم رصيف أمام محل يعود إلى خالة الشاب محمد دمدوم فـأكرهوهما أيضاً بالقوة على ركوب سيارة مدنية ، تاركين جدة الشاب محمد دمدوم المريضة وخالته الحامل تصرخان في ذعـر وهلع.ولم يتوقف الإكراه على ذلك بل عمد أعوان بمركز أمن بوقطفة ببنزرت، بحجز هاتف الشاب محمد دمدوم و نزع ثيابه وإهانته بوضعيات مختلفة ثم الاعتداء على الشبان الثلاثة بالعنف ضربا وركلاً وبالعصيّ، فيما كانت أسئلة توجه إليهم من مثل: من تعرف من الشباب الذين خرجوا من السجن ؟ هل حضرت وليمة ؟ كيف تؤدي صلاتك سدلاً أم قبضا؟ ولم يُخلَ سبيل الشبان الثلاثة إلا في ساعة متأخرة من الليل حيث اضطر كل من معز العموشي و محمد دمدوم للعودة إلى مدينة منزل بورقيبة (نحو 20 كلم عن مدينة بنزرت) مشياً على الأقدام. ولأجل تهيئة الأجواء الأمنية للزيارة يستعان بمثل هذا السلوك” الردعي الإستباقي” قبل أيام من قدوم رئيس الدولة .
أما في 15 أكتوبر 2008 فقد أرغم أعوان أمن بمدينة بنزرت عددا من الشباب على المكوث في مركز أمن بوقطفة إلى حين غادر رئيس الجمهورية المدينة من بينهم أشرف المرايدي وأيمن الغربي، بينما لاذ الشبان عماد بالخوجة و عصام المزي و نزار ألجميعي للاختباء لدى أقربائهم وبعيداً عن أنظار أعوان الأمن في حين ظل رجال البوليس السياسي محمد خليجان ومراد العبيدي ونبيل بن حسين وغيرهم… يجوبون الأنهج والشوارع بحثاً عمن لم يُجب الدعوة . كما دعى أعوان أمن منزل بورقيبة الشاب حامد المكي إبن السجين السياسي السابق المرحوم الهاشمي المكي للحضور عند الساعة الثامنة صباحاً إلى مركز أمن منزل بورقيبة، ولدى عدم إمتثاله تحولت سيارة البوليس إلى محل سكناه بمنزل بورقيبة بحثاً عنه. و دُعيَ أيضاً السجين السابق الشاب أيمن الدريدي من قبل أعوان أمن منزل بورقيبة عند الساعة الرابعة صباحاً إلى مصاحبتهم إلى مركز الأمن حيث يتعيّن عليه، بحسبهم،المكوث هناك إلى حين مغادرة رئيس الجمهورية لمدينة بنزرت، وقد تصدت لأعوان الأمن، والدة أيمن الدريدي معبرة عن رفضها تسليم إبنها لهم إلا إذا قدموا لها إستدعاءاً رسمياً ، فإضطر أعوان الأمن إلى أن يُركِنوا سيارتهم على مقربة من محل سكنى العائلة. أما السجينان السياسيان السابقان علي النفاتي و رفيق بن قارة فقد لازم عون أمن مراقبتهما منذ الصباح يوم 15 أكتوبر 2008 عند محل عملهما بمنزل الجميل ولم يغادر العون إلا عند منتصف النهار.
8 .المحاكمات بتهمة ” مخالفة تراتيب المراقبة الإدارية “
كانت المراقبة الإدارية سبباً في عودة عدد غير قليل من السجناء السياسيين المسرحين إلى السجن بتعلة مخالفتهم لتراتيبها، وذلك بعد أن قضوا مُدداً طويلة من العقوبات الأصلية السالبة للحرية: فقد سجن كلّ من محمّد علي البدوي و محمد الطاهر الكحيلي و حمدي الزواري كما سُجن عبد الكريم الزمني الذي شارفت عقوبته التكميليّة (5 سنوات مراقبة إداريّة) على الإنتهاء ففي آخر أسبوع من السنوات الخمس حضر إلى مركز الحرس للإمضاء متخلفاً عن الموعد المحدد بيوم واحد فلم تقبل اعتذاراته و أحيل على القضاء الذي حكم عليه بـ15 يوما سجنا نافذة. كما ألقي القبض في 28 أوت 2000 على السجين السابق حمادي رمضان لرفضه الخضوع لإجراءات المراقبة الإدارية. وكانت السلطات أبلغته أول الأمر أن المراقبة الإدارية على الأشخاص الذين أفرج عنهم بموجب العفو الصادر في نوفمبر/تشرين الثاني 1999 قد ألغيت؛ ولكنها قالت بعد ذلك إنها قد أصبحت سارية المفعول من جديد. وفُرض عليه التوقيع يومياً لدى مركز للشرطة يبعد عن مقر إقامته اثني عشر كيلومتراً. ولكن حمادي رمضان رفض الامتثال خوفا من عدم التمكن من تحصيل رزقه تحت هذه الظروف. ورغم أن السيد خالد العنابي أصيل ولاية قبلي كان موضوع حكم بسنتين مراقبة إدارية تمتد من 1999.11.06 إلى 2001.11.06 فقد حكمت المحكمة عليه بثلاث أشهر نافذة، بتهمة مخالفة قرار المراقبة الإدارية وقد بلغ عدد المحامين الذين حظروا للترافع عن السيد خالد العنابي أربعة عشر محاميا, من بينهم: الأستاذ نجيب الحسني, والأستاذ محمد عبو والأستاذ عماد المنصوري, وممثل عن مكتب الأستاذ عبد الفتاح مورو وممثل عن مكتب الأستاذ مختار الطريفي. ويذكر أنه تم إيقاف السيد خالد العنابي من قبل الأجهزة الأمنية المحلية بقبلي عند عودته من العاصمة، يوم 24 فيفري 2002، أي بعد انقضاء المدة المحكوم بها بالمراقبة الإدارية بنحو ثلاثة أشهر.
وحـُكم أيضاً على الشيخ سعيد بن سعيد (65 سنة) بثلاث أشهر سجنا بتهمة مخالفة قرار المراقبة الإدارية ، وهو يشكو من العديد من الأمراض المزمنة ويذكر أن الشيخ سعيد بن سعيد هو والد الطالب عدنان بن سعيد الذي كان ضحية إطلاق نار أدى إلى وفاته في أحداث 8 ماي 1991 في المركب الجامعي بتونس العاصمةوأحيل يوم الجمعة2003.05.11 السيد المهدي بن محمد خوجه أمام محكمة الناحية بمنزل بوزلفة بحالة إيقاف لمقاضاته من أجل مخالفة الواجبات المتعلقة بالمراقبة الادارية طبقا لأحكام الفصل 150 من المجلة الجنائية. و قد سبق أن حوكم السيد مهدي خوجة من طرف نفس المحكمة ومن أجل نفس التهمة و صدر ضده حكم بالسجن ثلاثة أشهر لكن محكمة الاستئناف بنابل برّأته فأفرج عنه بتاريخ2003.06.05،إلا أن البوليس السياسي قام باعتقاله مجددا بتاريخ2003.06.27 وذلك رغم امتثاله لقرار المراقبة الإدارية الصادر في2003.03.24 والذي حدد إقامته بزقاق النوار منزل بوزلفة ، نابل ولم يُغادر مقر إقامته المذكور. وقد قضت المحكمة بسجن السيد مهدي خوجة مدة أربعة أشهر. كما أقرت المحكمة الابتدائية بالقيروان يوم 19/10/2006 الحكم الصادر ضد السيد الطاهر الحراثي عن محكمة الناحية و القاضي بسجنه مدة شهرين من أجل عدم الامتثال لتراتيب المراقبة الإدارية.علما أن السيد الطاهر الحراثي هو سجين سياسي سابق قضى 15 سنة بمختلف السجون التونسية و يقضي حكما تكميليا بالمراقبة لمدة خمس سنوات.وكان سافر إلى العاصمة اثر رفض البوليس الاذن له لزيارة اخته المقيمة بالعاصمة اثر تعرضها لحادث مرور خطير وعند عودته تم ايقافه بتعلة مخالفة قرار المراقبة الادارية . أما الشاب قابيل الناصري الذي اُفرج عنه في بداية شهر نوفمبر من سنة 2005 بمقتضى قرار سراح شرطي بعد أن قضى حكماً بالسجن لمدة سنتين وثمانية أشهر و بالمراقبة الإدارية لمدة خمسة أعوام في ما عُرف بقضية مجموعة أريانة، بعد إدانتهم بنية الالتحاق بالمقاومة العراقية. وظل بعد إطلاق سراحه عرضة لملاحقات واعتداءات أعوان الفرقة المختصة ببنزرت الذين طلبوا منه الحضور بصفة دورية لمركز الأمن بدعوى الخضوع للمراقبة الإدارية، إلا أنه وبسبب رفضه الخضوع لهذا الإجراء التعسفي.تم تقديمه للقضاء من جديد فأصدر قاضي ناحية منزل بورقيبة يوم 4 جانفي 2006 حكما بسجنه مدة ثلاثة أشهر نافذة من أجل عدم الامتثال للتراتيب المتعلقة بالمراقبة الإدارية. و قد دخل قابيل الناصري في إضراب عن الطعام يوم 30 جانفي 2007 للتنديد بالمضايقات التي يتعرض لها هو وجميع أفراد عائلته التي تعرضت بدوها لعديد المضايقات من قبل فرقة أمن الدولة.
بعد أن قضّى السجين السابق الشاب منصف بن حبيب بن الطاهر السعيداني 3 سنوات خلف القضبان بموجب ما يسمى” قانون مكافحة الإرهاب ” (المقيم ببئرمسيوغة- ضاحية بنزرت الجنوبية) اُجبر على الإمضاء اليومي بسجلات الحضور منذ سراحه في أوت 2008 لدى مركز الحرس الراجع إليه بالنظر، غير أن الأمر لم يقتصر فقط على إجراءات المراقبة الإدارية بوصفها عقوبة تكميلية بل كان أعوان الحرس، وبأمر من رئيس مركز الحرس المسمى عبد الله التليلي، يعملون على إجباره على الحضور في مواعيد غير قارة ولا منتظمة بحيث يكتشف الموعد اللاحق ويعلم به بمناسبة كل إمضاء….!، وكان الشاب منصف السعيداني تعرض للإيقاف بتهمة عدم الامتثال لتراتيب المراقبة الإدارية لمجرد تقدمه للإمضاء بتأخر بضع ساعات وقضت المحكمة في حقه بالسجن لمدة شهر ونصف قضاها كاملة ) . ولم يكف البوليس السياسي ما سلطه على السجين السياسي السابق التومي المنصوري من حصار منعه من العمل و فصله عن بقية أفراد عائلته فلجأ إلى افتعال تهمة مخالفة تراتيب المراقبة الإدارية لتبرير اعتقاله منذ يوم الثلاثاء 21 أكتوبر 2008 ثم محاكمته في 28 أكتوبر 2008 أمام محكمة ناحية الدهماني في القضية عدد22609 دون احترام أبسط مقتضيات القانون و دون استصدار أي إذن من وكيلي الجمهورية بالكاف وسوسة مما يؤدي ضرورة إلى بطلان إجراءات التتبع .. غير أن قاضي محكمة ناحية الدهماني لم يلتفت إلى الدفوعات التي قدمها الأستاذ محمد نجيب الحسني و قضى بسجن التومي المنصوري مدة ستة عشر يوما. أما السجين السياسي السابق محمد صالح قسومة الذي قضى أكثر من ستة عشر عاماً من السجن في ظروف شديدة القسوة و بالغة الرداءة لم يَكُن قد مضى عن سراحه أكثر من شهرين ليُحال مجدداً من طرف وكيل الجمهورية بالمهدية على محكمة الناحية حيث أصدر وكيل الجمهورية بطاقة إيداع ضده يوم 5 جانفي 2008 . و قد اكتفى مركز الحرس بالمهدية في محضر بحثه بتقديم القضية و حرر تقريرا في ذلك بناء على معطيات مغلوطة ليس ضمن محتويات الملف ما يدعمها، و محضر استنطاق محرر يوم 4 جانفي 2008 على الساعة الرابعة بعد الزوال بمنطقة الأمن بالسواسي ذكر فيه أنه في ذلك اليوم و على تلك الساعة حضر لديهم السيد محمد الصالح قسومة و أعلموه بالأفعال المنسوبة إليه و التي استوجبت اتهامه بارتكاب مخالفة عدم الامتثال للمراقبة الإدارية وهو محضر يحمل إمضاء الملازم جمعة شلبي و الكاتب نجيب هنية ولا يحمل إمضاء المعني بالأمر و يختلف عن تقرير التقديم الذي ورد به أنه تم إحضار المظنون فيه في العديد من المناسبات إلى مقر الوحدة و تم تحرير العديد من محاضر البحث في شأنه إلا أنه امتنع عن الامضاء بها أو الاعتراف بفحوى القرار، وقد مثل السيد محمد صالح قسومة يوم 17 جانفي 2008 أمام محكمة ناحية السواسي من ولاية المهدية بتهمة مخالفة تراتيب “المراقبة الإدارية”. وتكفل بالفاع عنه الأستاذان نور الدين البحيري وسمير ديلو . و اُحيل السجين السياسي السابق الهادي الجازي(51 سنة) على محكمة الناحية بمنزل تميم يوم 7 أفريل 2009 بتهمة مخالفته تراتيب المراقبة الإدارية، بعد تنقله للعمل بمدينة تازركة من نفس الولاية. حيث حكم عليه بـ ثلاثة أشهر سجناً. أما السجين السياسي السابق السيد إدريس النويوي فقد أصدرت محكمة الناحية بعين دراهم في 23 جانفي 2006 حكماً بتخطئته بمبلغ مالي قدره 4 دينارات و800 مليم من أجل مخالفته لتراتيب المراقبة الإدارية. والسيد إدريس النويوي كان قد أفرج عنه في نوفمبر2005 بعد قضائه لعقوبة سجن طويلة في قضية إنتماء لجمعية غير مرخص فيها.
9 . التمديد التعسفي لعقوبة المراقبة الإدارية:مع أن مدة المراقبة الإدارية بوصفها عقوبة تكميلية يحددها القضاء، وتنقضي بإنقضاء المدة المنصوص عليها قضائياً إلا أنه أمكن ملاحظة عدد من الحالات التي أجبر فيها السجين السياسي المسرح على البقاء تحت المراقبة الإدارية بعد إنقضاء المدة المعلومة قضائياً، وكان يجري دائماً إعلام من تقررالتمديد له بصورة شفوية دون تقديم وثيقة إعلام بتمديد المراقبة ليمضي عليها المعني بالأمر كما يحدث عند الإعلام بقرار المراقبة الإدارية فور السراح من السجن، ولا يأبه أعوان الأمن بإعتراضات السجناء السياسيين المسرحين ولا بإحتجاجهم بأن الأمر مخالف للقانون، بل يمكن للمعني بالتمديد أن يعاد حبسه بحجة مخالفته، في فترة التمديد، تراتيب المراقبة الإدارية، إن هو لم يستجب لقرار التمديد، وهوما عاينته الجمعية الدولية لمساند المساجين السياسيين في حالات ليست قليلة ولا هي معزولة نذكر منها على سبيل المثال :
السيد محمد الطاهر الكحيلي من مواليد 1953 متزوج واب لثلاثة ابناء ويعمل كتقني سامي بالصيدلية المركزية دخل السجن في 21/10/1991 وحوكم ب 06 سنوات سجنا و 06 اشهر و 15 يوما و 05 سنوات مراقبة ادارية وخرج منه بعد ان اتم عقوبته في 28/ 01/ 1998 اكمل السيد محمد الطاهر الكحيلي عقوبة المراقبة الادارية بالامضاء اليومي في مركز الشرطة بالجهة لمدة خمس سنوات كاملة الا انه فوجئ بالبوليس السياسي يطالبه بالاستمرار في الامضاء والحضور يوميا فرفض ذلك باعتباره غير قانوني وبعد مدة تم إيقافه وتقديمه لتنفيذ حكم قضائي غيابي سالب للحرية لمدة شهر من اجل تهمة مخالفة قرار المراقبة الإدارية.تقدم محاميه باعتراض في الأجل القانوني وتم الحكم بعدم سماع الدعوى. لم يحسم القضاء الأمر حسب رأي البوليس السياسي ولم تمض أيام حتى تم استدعاء السيد محمد الطاهر الكحيلي من جديد لإلزامه مجددا بالإمضاء اليومي فرفض مجددا هذا الإجراء باعتباره قد أتم هذه العقوبة وان لا معنى قانونيا لهذا التمديد. بعد أيام تم إيقافه من جديد ليحاكم وبشكل سريع وغامض وبلا إعلام مسبق وبدون حضور محام ينوبه والأغرب حصول ذلك في جلسة غير علنية بمكتب القاضية زكية الماجري بمحكمة بن عروس لتتم مقاضاته ومن الجلسة الأولى بتهمة مخالفة قرار المراقبة الإدارية والحكم عليه بشهرين نافذين .تم استئناف الحكم وحصل من جديد على حكم بعدم سماع الدعوى وبعد خروج مهدي بن محمد بن قاسم خوجة من السجن يوم 08 مارس 2003 أخضع للإمضاء لدى مركز الأمن مرة واحدة كل أسبوع بحجة العقوبة التكميلية القائمة في حقه والمتمثلة في المراقبة الإدارية لمدة 5 سنوات ، ويفترض أن هذه العقوبة تنقضي مدتها في مارس 2008 غير أنه أخبر أن المدة لن تنتهي قبل 25 ديسمبر 2008 ، مع إجباره هذه المرة على الحضور بصورة يومية لدى مركز الأمن بمنزل بوزلفة قصد الإمضاء على سجلات الحضور . وفي الحالات التي تم فيها إعلام الخاضعين للمراقبة الإدارية من السجناء السياسيين المسرحين بالتمديد حصل ذلك مشافهة من قبل رئيس مركز الأمن الراجع إليه المسرح بالنظر، على عكس الصيغة المعتمدة أول مرة حيث يدعى السجين المسرح فور مغادرته السجن إلى الإمضاء على إعلام بقرار المراقبة الإدارية مختوما وممضى من وزير الداخلية أو وزير العدل. كما أن أغلب السجناء السياسيين المسرحين في منتصف التسعينات من القرن الماضي والذين إما إنقضت فترة مراقبتهم إدارياً أو لم يكن عليهم مراقبة إدارية أصلاً، فإن إستدعاءهم إلى مراكز الأمن من حين لآخر أو تفقدهم في محلات أشغالهم وعند مُشغليهم وفي مواطن عملهم بالأسواق قصد« تحيين بطاقات الإسترشاد »، يُعتبر ضرب من ضروب تمديد المراقبة الإدارية التي تتم بصورة يراد لها أن تمارس بصورة ناعمة وخارج نطاق القانون على غرار ما عمد إليه عدد من مراكز الأمن بولاية بنزرت خلال شهر مارس 2009 حيث وجه دعوات شفوية لسجناء سياسيين سابقين للحضور لديها لغرض قالت عنه:« أنه استرشاد عادي» فيما اكتفى بعض رؤساء مراكز الأمن بتفقد سجناء سياسيين سابقين بمحلاتهم التجارية وأماكن انتصابهم بالأسواق بغرض “التعرف عليهم ّ واصفين عملهم بأنه «.. تفقد روتيني..» وقد جدت هذه..الزيارات التفقدية في مدن بنزرت ومنزل عبد الرحمان ومنزل الجميل والعالية ورأس الجبل.. وكان من بين من شملهم هذا التفقد السجناء السياسيين السابقين التالية أسماؤهم:
بن عيسى الدمني وداود الكوّاش وخالد الكوّاش وطارق الكوّاش وفتحي عبيّد والمنصف بن سعيد وفتحي يجّر ولطفي بن يوسف وحسن الغانمي وعربي الخرباش ورضا الغربي وتوفيق الونزرفي وتوفيق وديع ومحمود الحبيب وإسماعيل الحبيب وفاروق الحبيب وسفيان الخلاّدي وعلي البحري وحاتم المرموري.وعلى نحو ما جرى في مدن بنزرت ومنزل عبد الرحمان ومنزل الجميل والعالية ورأس الجبل من ولاية بنزرت، إستدعى أعوان الأمن بولاية نابل السجناء السياسيين السابقين: محمد قاوط وعماد سلمان ولطفي الديماسي ومحمد حوات وأمل عكاشة وهشام مشماش وسامي المدب، كما دعي يوم الثلاثاء2009.03.17 السجين السياسي السابق الحبيب ستهم عضو اللجنة المركزية بالحزب الديمقراطي التقدمي للحضور لدى مركز الأمن للغرض ذاته، ولم يأبه الأعوان بانتماء السيد ستهم إلى حزب معارض معترف به، مصرين على أن المراقبة الإدارية تطال جميع المساجين السياسيين السابقين دون استثناء.
10 . تجاهل الجهات الرسمية لشكاوى السجناء السياسيين المسرحينلم يكن السجناء السياسيون المسرحون يترددون، في رفع رسائل التظلم والشكاوى إلى المسؤوليين من مختلف المستويات والاختصاصات، فهم يفعلون ذلك إما تفاعلاً مع خطاب « دولة المؤسسات والقانون» الداعية إلى مساعدة السجناء على الإندماج مجدداً في الحياة الاجتماعية إختباراً لصدقية الخطاب وشفافية المؤسسات،أو لإقامة الحجة واستنفاذ كل الوسائل السلمية قبل أن يلجأ بعضهم إلى الإضراب عن الطعام إحتجاجاً على مظلمة تعرض لها وأغلقت المؤسسات في وجهه بواباتها و أشاحت قوانين البلاد بوجهها عنه …. ولم تكن تلك الشكاوي تلقى في غالب الأمر مجيباً ولا صاغياً. كما لم يكن أعوان الأمن أو المسؤولون يعبؤون بشكاوي المواطنين من السجناء المسرحين ولو كانت وجهتها مقر الرئاسة. .وحين أعلم السيد الزايري، رئيس مركز الأمن أنه سيرفع شكوى إلى رئيس الجمهورية قال له رئيس المركز المسمى عبد الحفيظ ( إشكي لـــبوش ..! )والسيد فوزي البجاوي الذي نال عقوبة بالسجن لمدة 5 سنوات خضع بعدها للمراقبة الإدارية، تحصل بعد محاولات عديدة،على جواز سفر وغادر البلاد التونسية ليقيم بإيطاليا بصورة قانونية، إلا أن القنصلية التونسية بإيطاليا رفضت في جوان2007 تجديد جوازه وكان جواب القنصل في المرات الخمس التي التقاه فيها: « الأمر ليس بيدي ..!» وكانت والدته وابنته قد اتصلتا مباشرة بوزارة الداخلية 4 مرات بعد توجيه عديد الرسائل مضمونة الوصول لرئاسة الجمهورية وإدارة الحدود و وزارة العدل ( بعد بلاغ الجمعية بتاريخ 2008.03.11 ببضعة أيام دعى القنصل التونسي بإيطاليا السيد فوزي البجاوي ليسلمه جواز سفره) . أما السيد عبد السلام السميري فبعد سراحه من السجن في 6 نوفمبر 1999 ، إنصرف يبحث عن عمل ، فوجد قبولاً لدى شركة إفريقيا الصناعية بمقرين، وبعد 9 أشهر من العمل بالشركة ، قامت بعض الجهات الأمنية بإبلاغ صاحب المؤسسة بأنه سجين سياسي وقد يكون خطرا على سلامة الشركة، فقامت الشركة بطرده من العمل، فإتجه إلى رئاسة الجمهورية برسالة شكوى بتاريخ 16 ماي 2001، لكن دون أن يتلقى منها أي رد مباشر أو غير مباشر.. وفي 2002.04.04 قدم شكوى ثانية بطريق البريد إلى رئاسة الجمهورية ثم رسالة ثالثة بتاريخ 2002.04.22 من غير أن يتلقى أي جواب. والسيد حمادي العبيدي أيضاً المفرج عنه بموجب سراح شرطي بتاريخ2006.11.05 الذي خضع للمراقبة الإدارية بموجب قرارعدد 17755 – م- مؤرخ في 9-11- واُخبر أن عليه الإقامة وجوباً حتى نهاية العقوبة التكميلية، بحي التطور بجندوبة وهو ما يعني الإنقطاع عن عائلته المقيمة بمدينة حمام الأنف، طوال تلك المدة، فكاتب جميع السلطات والجهات المعنية من هيئات قضائية و وزارتي الداخلية و العدل و رئاسة الجمهورية و الإدارة العامة للسجون، لكن دون جدوى فأعلن بداية من تاريخ 14/3/2007 الدخول في إضراب مفتوح عن الطعام، ولم يقطع إضرابه عن الطعام إلا يوم2007.03.27 بعدما إستجابت السلطة الأمنية لطلبه المتمثل في تمكينه من الانتقال بالسكنى إلى حمام الأنف بتونس العاصمة حيث تقيم عائلته. و قد وقع تحرير محضر في ذلك و تم إيداع نسخة منها بمركز شرطة حمام الأنف الذي أعلمه بوجوب الحضور بالمركز أربع مرات في الأسبوع لتمكين المركز المذكور من تنفيذ قرار المراقبة الإدارية. وأرسل السيد عيسى العامري برقية لرئاسة الدولة وأخرى لوكيل الجمهورية طالباً محاسبة من اعتدى عليه. وكان أحد أعوان الأمن يُدعى مكرم يعمل بمركز أمن المروج 5 قد قام بإهانته مع سب الجلالة وتوعده بالتضييق عليه وترصده. أما السيد معتوق العير الذي قضى 16 عاماً سجناً وأفرج عنه بموجب سراح شرطي في 5 نوفمبر 2006 واُخضع لـ5 سنوات مراقبة إدارية فقد إعتدى عليه رئيس مركز الحرس الوطني بالعقبة الملازم أول قيس منصور بتاريخ 15 ماي 2007، مما تسبب في نزيف بعينه اليسرى ولدى معاينته من قبل طبيب الصحة العمومية، منحه راحة لمدة عشرة أيام وسلمه شهادة طبية في الغرض وقد تقدم السيد معتوق العير بشكاية لدى وكيل الجمهورية بمنوبة قيدت بتاريخ 19 ماي 2007 تحت 2007/7027577 طالباً فيها تتبع المعتدي بناءاً على أحكام الفصل 201 من المجلة الجزائية، كما لم تفلح تشكياته لرئيس الدولة في كف الأذى والتجاوزات المنتهكة لحقوقه.
****
- إحالة النظر …من الرئاسة إلى السيد العمدة…!توجه السجين السياسي السابق إبراهيم الغربي بمراسلة لرئيس الدولة لتمكينه من رخصة التاكسي التي تم حجزها عند إيقافه .. فأحالت مصالح رئاسة الجمهورية مطلبه على والي تونس .. و بعد دراسة الملف ..قدر السيد الوالي أن الأمر ليس من اختصاصه فأحال الملف إلى السيد العمدة ..للنظر في الموضوع ..، و مرت سنوات عديدة .. ولا يزال السيد العمدة .. ينظر في الموضوع .. !
أما الشاب شادي بوزويتة من مواليد 26 أفريل 1978 ببروكسل( بلجيكا ) وهو أب لطفل فقد عاد سنة 2003 إلى تونس ليقيم في مدينة نابل غير أن الحملات الأمنية التي أعقبت سنّ قانون 10 ديسمبر 2003 لـما يسمى “مكافحة الإرهاب ” جعلت منه ، ومئات من الشبان ، هدفا للملاحقة الأمنية بدون أي موجب قانوني( لا حكم بالسجن لديه ولا عقوبة تكميلية، لكنه، يُعامل معاملة المراقب إدارياً، دون إمضاء دوري) ، وحدث أن عمد رئيس فرقة الإرشاد بنابل المدعو عبد الرزاق شعبان إلى محاصرته واستدعائه دوريا و تسليط رقابة مشددة عليه منذ عودته إلى البلاد التونسية في 2003، ورغم المراسلات العديدة لكل من وزيرالداخلية ورئيس الهيئة العليا لحقوق الإنسان ، للمطالبة بوقف التجاوزات المستمرة المسلطة عليه وعلى جميع أفراد عائلته فقد تضاعفت المضايقات المسلطة على شادي بوزويتة و بلغت حد إهانته و تهديده بغلق المحل الذي يشتغل به.
II. تونسيون تحت المراقبة الإدارية: مواطنون أم رعايا ..!!!؟
1 .علي بن سالم : ” المراقبة الإدارية: تاريخ يُعاودُ ذاته ، ونهج يؤصّل نفسه. “
- عشرات من أعوان البوليس السياسي بزي مدني يمنعون نشطاء المجتمع المدني ببنزرت من معايدة المناضل علي بن سالم رئيس فرع بنزرت للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان(78 سنة)، ومنذ سبتمبر2005 ، يُمنع على أقاربه وأصدقائه دخول منزله، حيث ترابط أمام محل سكناه 3 مجموعات من أعوان الأمن تتناوب على المكان كل 8 ساعات.
من مواليد جوان1932 ببنزرت، شارك في أعمال المقاومة ضد الإحتلال الفرنسي سنة 1952 وحين كَشفت السلطات الفرنسية أمر جماعته ، لاذ بالفرار صحبة رفيقه المناضل محمد الصالح البراطلي إلى ليبيا، وفي سنة 1954 ،أصدرالقضاء الفرنسي في تونس ضده حكماً بالإعدام، حُكم عليه بـ20 سنة سجناً لمشاركته في محاولة إنقلابية ضد حكم بورقيبة سنة 1962 وأخلي سبيله هو ورفاقه سنة 1973 ، حيث أمضى علي بن سالم ورفاقه في السجن 11 عاماً منها 7 سنوات مقيدين إلى الحائط بأصفاد حديدية في غرفة مظلمة تحت عمق 14 متر بسجن برج الرومي(كانت مخصصة إبان الإستعمار الفرنسي لخزن الذخيرة) لا يصلها نور الشمس أبداً .
وفي شهادة له عن المراقبة الإدارية خلال فترة حكم الرئيس الحبيب بورقيبة(1956-1987) يقول السيد علي بن سالم : « في سنة 1973 صدر قرار بالعفو عن المجموعة(المتهمة بمحاولة الإنقلاب لسنة 1962) مع بقاء الحكم بالمراقبة الإدارية لـ 10سنوات، و بعد يومين أو ثلاثة من سراحي وجدت الوالي يدعوني لمقابلته، …. وتم تمكيني فعلاً من العودة للعمل ببلدية بنزرت في مصلحة الطبوغرافيا… » ثم يقول : «..ومع أني ورفاقي محكومون بالمراقبة الإدارية فإن أحداً منا لم يتعرض لمضايقات البوليس و كنا نتمتع بحرية التنقل من بنزرت إلى تونس العاصمة أو الولايات الأخرى ولم يُطلب منا أبداً التوقيع اليومي أو الأسبوعي في مركز الشرطة كما يحدث الآن مع السجناء السياسيين، … و طرحت عن جميع رفاقي في السجن (محمد الصالح البراطلي وقدور بن يشرط وعلي بن بشير وحمادي قارة ) عقوبة المراقبة الإدارية ومُكّنوا من جواز السفر وذهبوا إلى الحج سنة1977 إلا أنا منعوا عني جواز السفر.» ثم يتحدثُ السيد علي بن سالم عن المراقبة الإدارية خلال فترة حكم الرئيس زين العابدين بن علي التي بدأت سنة 1987 ويعقد بينها وسابقاتها من العهود مقارنة: «… كانت المراقبة قد أصبحت مشددة عليّ منذ بعض الوقت، فإذا خرجتُ من منزلي ولاحظوا أني في انتظار سيارة أجرة يتبعونني بسيارتهم فهم لايكتفون بمراقبة منزلي وحسب بل إنهم يمنعون أبنائي من زيارتي ولا يسمح لهم إلا بعد ترخيص المسؤولين الأمنيين في تونس وهو شيء لم نعشه أيام الاستعمار الفرنسي ولا قام به بورقيبة مؤسس الدكتاتورية في تونس.فقد كان لبورقيبة أحياناً مواقف كما يقال (رجولية) في بعض الأحيان مع مخالفيه في الرأى …»
ينصّ القانون التونسي الذي أصدره المجلس التأسيسي سنة 1958 على منح التونسيين الذين شاركوا في المقاومة بالجبال ضد الاستعمار الفرنسي الحق في دفتر مجاني خاص للعلاج وكان للسيد لعلي بن سالم دفتر من ذلك الصنف لكن حين أضاعه سنة 1995 دفتر علاجه ، تقدم بطلب تجديد للوثيقة لدى وزارة الدفاع، وبعد أكثر من ستة أشهر من التردد على إدارات الدول ومقرات الحزب الحاكم قيل له إنه لا يمكن له الحصول على وثيقة علاج جديدة للمقاومين، فرفع قضية لدى المحكمة الإدارية التي أنصفته بموجب قرار (15652) ودعت الوزارة الأولى إلى تمكينه من بطاقة معالجة. لكن بعد نحو شهر ونصف من صدورالقرار تعرّض علي بن سالم للتعذيب في26 أفريل2000 على أيدي أعوان البوليس السياسي في مركز المنار(1) للأمن بتونس العاصمة وألقي به وسط غاب بعد أن إعتقد أعوان الأمن أنه فارق الحياة ، وتبيّن بعد الفحوصات والصورالإشعاعية التي أجريت عليه أنه أصيب بكسور في مستوى الفقرات (L2 ;L3 ;L4)، وشروخ في عظم الكتف الأيمن ومثله في الكتف الأيسر، إضافة إلى كدمات بالرأس. رفض وكيل الجمهورية تسلم الشكوى التي تقدم بها السيد علي بن سالم ضد من اعتدى عليه ومن يثبت التحقيق ضلوعه في محاولة الاغتيال، فبعث بالشكوى إلى وكيل الجمهورية عن طريق البريد المسجل، وبعد إستيفاء السيد علي بن سالم الإجراءات القانونية في تونس وانتظاره نحو 5 سنوات، أهمل خلالها القضاء التونسي ملفه،وتبنت L’Organisation Mondiale Contre la Torture قضيّته ورفعت الشكوى إلى الأمم المتحدة التي وافقت على النظر فيها.وأصدرت لجنة التعذيب التابعة للأمم المتحدة بتاريخ 7 نوفمبر 2007 قرارها تحت عدد 2005/269 أدانت فيه أعوان البوليس Les tortionnaires: المنفذين للتعذيب ضد علي بن سالم ( ومثولهم أمام قضاء مستقل) لمحاكمتهم حسب قرارها،كما أوصى القرار بالمعالجة والتعويض لفائدة المتضرر لكن السلطات التونسية وإلى غاية جويلية 2009 لاتزال تصرّعلى منع علي بن سالم من العلاج وذلك بعدم تمكينه من بطاقة علاج خاصة بالمقاومين ومنعه من السفر.
2 .الدكتور منصف بن سالم : ” المراقبة الأمنية…العقلية الأمنية في مواجهة العقل الأكاديمي “من مواليد سنة 1953 ، متزوج وله أربعة أبناء ، مقيم تحت المراقبة الأمنية منذ 19 سنة وممنوع من التنقل داخل البلاد وخارجها وأبناءه محرومون من جوازات السفر ، محروم من التدريس بالجامعة التونسية بعد فصله منها سنة 1989. حائز على باكالوريا رياضيات سنة 1970 وعلى ديبلوم جامعي للدراسات العلمية: رياضيات وفيزياء سنة 1972 ثم حاز على شهادة الأستاذية بالرياضيات سنة 1974 وعلى ديبلوم الدراسات المعمقة بباريس سنة 1975 وعلى ديبلوم مهندس رئيس صناعة آلية بباريس سنة 1976 وبنفس السنة أيضاً حازعلى دكتوراه إختصاص فيزياء نظرية بباريس وفي سنة 1980 دكتوراه دولة رياضيات.
تولى الدكتور منصف بن سالم مهمات عديدة في تونس وفي عدة بلدان عربية و غربية بين سنة 1976 و سنة 1987 فكان : أستاذاً محاضراً و مديرا لقسم جامعة صفاقس وعضوا بالمجلس العلمي وبلجان الإنتداب و تولى خطة مقرر بمركزية الرياضيات ببرلين و مقرر بمجلة الرياضيات الأمريكية و عين أستاذا زائرا بجامعة مريلند الأمريكية و كان عضوا بالمركز الدولي للفيزياء النظرية بإيطاليا و عضوا بالمركز القومي للبحث العلمي بفرنسا و عضوا بإتحاد الفيزيائيين والرياضيين العرب ومؤسسة الكويت للتقدم العلمي واتحاد الجامعات الناطقة بالفرنسية ببلجيكا وكندا.وهو من مؤسسي المدرسة القومية للمهندسين بصفاقس وشغل خطة كاتب عام لنقابة التعليم العالي بصفاقس و كان من مؤسسيها. اُعتُقل الدكتور بن سالم يوم 26 نوفمبر1987 و ظل إلى سنة 1989 بحالة إيقاف بدون محاكمة وذلك بعلاقة بما يُعرف حينها بـ ” المجموعة الأمنية ” ، وفي ماي 1989 وقع منعه من مباشرة مهامه بوصفه أستاذا محاضرا في الرياضيات بالمدرسة القومية للمهندسين بصفاقس دون أن يكون قد صدر قرار من أي جهة يَقضِي بمنعه من التدريس بالجامعة وأمام رفض الدكتور الإنصياع لهذا القرار التعسفي تولى أعوان الأمن منعه بالقوة من دخول الحرم الجامعي، فرَفع الدكتور بن سالم على إثر ذلك في 9 نوفمبر 1989 قضية يطالب فيها بإلغاء رفض وزارة التعليم العالي ضمنيا تمكين الدكتور بن سالم من مباشرة مهامه وقد رسمتْ هذه القضية لدى المحكمة الإدارية تحت عدد 2722 لكن بعد نحو 18 سنة سيتقرر تعيين الجلسة إلى يوم 25 أكتوبر 2007. ثم عيّنت جلسات ثلاث بعد ذلك التاريخ ، و منذ 20 عاماً من تاريخ رفع القضية لدى المحكمة الإدارية وبعد أن صارعدد القضية 11722 لا يزال الدكتور منصف بن سالم في إنتظار التصريح بالحكم.و في سنة 1990 تمت محاكمته على خلفية تصريح أدلى به لصحيفة جزائرية ، وبعد مرور شهرين على حبسه أرسلت وزارة التعليم العالي برسالة على عنوان إقامته تتضمن ، نسخة مصوّرة من قرار رئاسي بـالرائد الرسمي (JORT) يقضي بشطب اسم الدكتور بن سالم من الجامعة التونسية. وبعد خروجه من السجن سنة1993 وضع الدكتور منصف بن سالم بمحل إقامته تحت الإقامة الجبرية، دون أن يكون قد صدر في حقه أي حكم قضائي بذلك. وظلت ثلاثة فرق من الأمن منذ ذلك الحين تتناوب على مراقبة محل سكناه كامل اليوم وظلت هذه الحراسة مشددة إلى سنة 2001 و هاتفه القار مقطوع لمدة أربعة سنوات. وفي سنة 1994 مُنع وهو تحت الإقامة الجبرية من زيارة والدته المريضة المقيمة على مسافة 50 كلمترمن محل سكناه وحين توفيتْ والدته لاحقاً لم يُسمح للدكتور بن سالم بحضور جنازتها ومراسم دفنها. ورغم التدخلات المتعددة من لدن شخصيات علمية وديبلوماسية عديدة لدى السلطات السياسية العليا في تونس، من أجل تسوية وضعية الدكتور منصف بن سالم في ما يتعلق بأجوره المتخلدة بذمة وزارة التعليم العالي و حقه في العودة إلى التدريس، وحقه هو وأبناؤه في جوازات السفر، فإن تلك المحاولات جميعها آلت إلى الفشل: لم تنقطع المضايقات الأمنية عن حياة الدكتور بن سالم منذ سنة 1987 فقد حصلت له مواقف كثيرة وتعديات تجاوزته إلى كل من يتعامل معه أو يتصل به نذكر منها هذه الحادثة كما رواها :
(.. أنه في إحدى المرات كان بالسيارة في اتجاه المنزل وقدمت من الطريق المجاور سيارة أخرى فمنحها الدكتور الأولوية للمرور، فرفع السائق بكل أدب، يده وحياه في إشارة شكر لأنه ترك له الأولوية ، فلاحقه رجال الأمن وأخذوا أوراق سيارته وخضع للمساءلة عما يربطه من علاقة بالدكتور بن سالم.!!!)
ويذكر أيضاً أنه
(.. توقف يوماً عند ميكانيكي لإصلاح سيارته فقدم أحدهم بسيارته بحقيبة دبلوماسية ونظارات سود ينادي الميكانيكي أن يعجل بإصلاح سيارته، دون أن يراعي أسبقية الدكتور، فقال له أن عليه إحترام ترتيب الدور فأجابه بأنه موظف ومصالح الناس معطلة، ( وهو متفقد أشغال عامة)، فقال له الدكتور بن سالم أنه سيتسبب في تعطيل سيارتين: هذه السيارة ( سيارة الدكتور بن سالم) و السيارة الثانية (لأعوان أمن الدولة) المتوقفة في انتظار السيارة الأولى، فإرتعب الرجل وغادر على الفور ناسياً محفظته….).
وفي 30 مارس 2006 أعلن الدكتور منصف بن سالم دخوله وأفراد عائلته إضراباً عن الطعام إحتجاجاً على قرار الجامعة طرد إبنه أسامة بن سالم ورفيقيه بسام النصري وعلي عمر بعد إحالتهم على مجلس التأديب بجامعة صفاقس على خلفية تنظيم تظاهرة طلابية في 02 فيفري 2006. وفي سنة 2006 تقدمت ابنته مريم (الحاملة لإجازة في الإعلامية) بطلب للحصول على جواز سفر لمواصلة دراساتها العليا في الخارج و تقدم والدها أيضاً للمرة السابعة بنفس الطلب إلا أن وزير الداخلية رفض المطلبين معا مبررا موقفه بأن : (.. سفر السيد منصف بن سالم و الآنسة مريم بن سالم من شأنه النيل من النظام والأمن العامين ومن سمعة البلاد التونسية ..!) و الدكتور بن سالم وأفراد عائلته يتعرضون منذ 20 عاماً لمراقبة أمنية وملاحقة دائمة،
3 . عبد الله الزواري : ” المراقبة الإدارية والإبعاد.. الصحفي المنفي في وطنه “
• السيد عبد الله الزواري من مواليد 15 جوان 1956 حكم عليه سنة 1981 في قضية الاتجاه الإسلامي بـ 8 سنوات سجنا وأطلق سراحه بموجب عفو في سنة 1984. وفي أكتوبر 1985 حُـكم عليه بشهرين سجنا بتهمة التجمهر في الطريق العام (كان ذلك بمناسبة الاحتجاج على منع الحجاب في تونس).
• في سبتمبر 1986 حكم عليه غيابياً بثلاثة أعوام سجناً.
• في أفريل 1987 أصدرت بشأنه محكمة أمن الدولة حكماً بـ 15 عاماً ، خرج من السجن بموجب عفو إثر مجيء الرئيس بن علي إلى السلطة.
• في سنة 1992 حكمت المحكمة ضده بـ 11 عاماً قضاها مع ثلاثة أشهر ونصف إضافية، ليغادر السجن في جوان من سنة 2002.
• في سنة 2002 حكم عليه بـ 8 أشهر سجن بتهمة مخالفة أحكام المراقبة الإدارية، وإثرحركة واسعة من مساندة نشطاء وجمعيات ومنظمات المجتمع المدني أطلق سراحه بعد شهرين ونصف.
• في أفريل 2003 وبمناسبة مشاركته ذكرى حرية الصحافة (كلمة) حكم عليه بـ 4 أشهر سجن( مع تأجيل التنفيذ)
• وفي أوت سنة 2003 حكم عليه بـ 9 أشهر سجن ، ضُمَت إلى الأشهر الأربعة السابقة ليقضي بالسجن 13 شهر، قضاها في السجن المدني بحربوب وسرّح في سبتمبر 2004.
• غادرعبد الله الزواري السجن في 06/06/2002 بعد أن صدر ضده حكم عن المحكمة العسكرية الدائمة بتونس بالسجن لمدة 11 سنة والإخضاع للمراقبة الإدارية مدة 5 سنوات في القضية عدد76111 بتاريخ 28/8/1999،
ومنذ خروجه من السجن بدأت اتصالاته بالصحفيين وبوكالات الأنباء وبالمحامين وبالجمعيات الحقوقية ورؤساء الاحزاب السياسية وبعائلات المساجين السياسيين..للتحسيس بضرورة العمل المشترك من اجل حل ملف المساجين السياسيين وسن العفو التشريعي العام ووضع حد للمحاكمات السياسية كأسلوب لإبعاد الخصوم السياسيين والنضال من اجل ايقاف المعاناة والموت البطيء الذي يكابده المساجين السياسيون وعائلاتهم ) لكن السلطة انزعجت من تبني الصحفي و الناشط الحقوقي والسجين السياسي السابق عبد الله الزواري ملف السجناء السياسيين لعقد التسعينات من القرن الماضي ونشاطه الحثيث في كل الاتجاهات الحثيثة لتحريكه على المستوى الإعلامي والحقوقي و السياسي، والكشف عن الانتهاكات الحاصلة في السجون التونسية، وفضح جلاديها .
على إثر نشاطاته تلك أوقف عبد الله الزواري في 10جوان2002 واقتيد إلى مقر وزارة الداخلية حيث تعرض للترغيب والتهديد من قبل احد الضباط السامين بفرقة امن الدولة المسمى عبد الرحمان القاسمى المعروف بـ (بوكاسة) الذي عرض عليه جواز سفر والخروج من البلاد بدون رجعة، فأكد عبد الله الزواري أنه متمسك بالعيش في بلاده وأنه لو شاء لكان من أول المغادرين إلى الخارج سنة 1991.وقبل أن يخلي سبيله، هدده (بوكاسة) إن هو تحدث إلى أحد عن مساومته له بجواز السفر والمغادرة إلى الخارج ، وعن قطع صلته بالمجتمع المدني ووسائل الإعلام وأنّه إن تحدث إلى أحد بذلك فـ « سيفعل به ما لم يفعله من قبل في حق أحد….!!» وفي الغد أي يوم 11 جوان 2002 كان ما جرى في مقر الداخلية مع المسمى بوكاسة محور حديث عبد الله الزواري عبر الهاتف مع قناة الزيتونة، فكان قرار الابعاد والنفي الى الجنوب الذي اتخذته وزارة الداخلية يوم 12 جوان2002. ضمن توظيف متعسف ولا قانوني لقرار المراقبة الادارية الصادر ضده من المحكمة العسكرية في اوائل التسعينات.
• رغم أن عنوان الإقامة المسجل في بطاقة الخروج من السجن هو: 8 نهج أبي زمعة البلوي- رادس بن عروس وان العنوان المصرح به لفرق الإرشاد- بوشوشة ومنطقة الأمن بقرطاج – حنبعل هو:12 نهج ليبيا 2025 صالمبو تونس العاصمة. فقد أعلمه مركز الأمن الوطني بالكرم الغربي أن مقر إقامته تحدد بالخريبة حاسي الجربي – بمدينة جرجيس، أي 500 كم جنوب العاصمة تونس، بعيدا عن زوجته وأبنائه وأمه وكل عائلته المقيمة بتونس العاصمة .
****
• قدمت الأستاذة سعيدة العكرمي رئيسة الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين في 02 أوت 2002 قضية لدى المحكمة الإدارية طعناً في قرار الوزير أسند لها رقم1/11141 المؤرخة بـ23 أوت 2002،
• لكن في 19 أوت 2002 تم إختطاف عبد الله الزواري من أمام مكتب الأستاذ سمير بن عمر ليحوّل إلى مقر وزارة الداخلية ومنها إلى مركز بوشوشة للأمن الوطني ومنه تم تسليمه إلى مركز أمن جرجيس حيث حرروا محضر مخالفة لتراتيب المراقبة الإدارية، ليحال يوم 23 أوت 2002 على محكمة الناحية،
• أصدرت محكمة الناحية بجرجيس حكماً بـ 8 أشهر سجناً، دون تمكين المحامين من الإطلاع على ملف القضية والدفاع. كما أقرت محكمة الإستئناف حكم المحكمة الابتدائية في 4 سبتمبر 2002.
• في 11 سبتمبر 2002 جرى نقل عبد الله الزواري من سجن حربوب (580 كم جنوب العاصمة تونس) إلى السجن المدني بالقيروان (380 كم جنوب العاصمة تونس). وكانت السيدة سهير بالحسن قد شكلت ورفاقها لجنة مساندة للسيد عبد الله الزواري ضمت اغلب النشطاء الحقوقيين وحضيت بدعم اغلب مكونات المجتمع المدني وقامت بحملة دعائية كبيرة شاركت فيها أيضا منظمة «مراسلون بلا حدود» و«الفدرالية الدولية للصحافيين» (CPG) ومنظمة« هيومن رايس واتش» وشخصيات ومنظمات أخرى ، وتم الإتفاق على القيام بإعتصام أمام السجن المدني بالقيروان في 29 أكتوبر 2002، لكن حين بلغ السلطة الخبر قامت الإدارة العامة للسجون بنقل عبد الله الزواري قبل يومين من التاريخ المقرر للإعتصام ، إلى سجن قابس ومنه إلى سجن مدنين. إلا أن الحقوقيين الذين لم يبلغهم خبر نقل عبد الله الزواري إلى مدنين عقدوا إعتصامهم أمام السجن المدني بالقيروان كما كان مقررٌا وقد كان من بينهم : الأستاذة سهير بالحسن والأستاذة سعيدة العكرمي والقاضي مختار اليحياوي و الأستاذ أحمد السميعي….
• أطلقت السلطة سراح عبد الله الزواري في 6 نوفمبر2002، وسلم لدى سراحه إلى منطقة أمن جرجيس حيث يتوجب عليه قضاء إقامته الجبرية مبعداً هناك بعيداً عن عائلته. وبإستثناء مرة وحيدة سمح له فيها بالإنتقال إلى الكاف ومنها إلى تونس العاصمة لقضاء مصالح خاصة، فإن جميع المطالب التي تقدم بها وهي نحو ثلاثة عشر مطلباً قُوبٍلَتْ جميعها بالرفض، كما رفعت زوجته وأبناؤه ووالدته العجوز المقيمون بالعاصمة مطالب إلى رئيس الدولة لإنهاء هذه المأساة دون أن تجد آذانا صاغية.
• أما السيد زكريا بن مصطفى رئيس الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات العامة (وهي هيئة مرتبطة بالسلطة(، فبعد أن كتب إليه عبد الله الزواري بتاريخ 3 جوان 2003 أفاد عائلته لدى زيارتها مكتبه: «أن هذا الباب موصد ولا يمكنه طرقه »
زار عبد الله الزواري بمنطقة إبعاده ( الخريبة -حاسي الجربي- مدينة جرجيس) عدد من الوفود الحقوقية والإعلامية الأجنبية والمحلية .
وسواء تم إحتساب الخمس سنوات مراقبة إدارية إبتداءاً من تاريخ الخروج من السجن أو من تاريخ إمضاء قرار المراقبة الإدارية من قبل الوزير أو من تاريخ إعلامه بقرار المراقبة، فإن تاريخ إنتهاء الخمسة سنوات مراقبة إدارية بوصفها عقوبة تكميلية سيكون على الأقصى يوم 2 أوت 2007 (.حيث غادر عبد الله الزواري السجن في 06/06/2002 وتم إعلامه بتاريخ 02/08/2002 عن طريق مركز شرطة الكرم الغربي بقرار المراقبة الإدارية الصادر عن وزير الداخلية تحت عدد 16944 والممضى من قبل وزير الداخلية بتاريخ 15 جويلية 2002 ينصّ فيه بالإقامة وجوباً بالخريبة، حاسي الجربي- جرجيس ) غير أن السلطات الأمنية، أعلمته مشافهة أنه تقرر تمديد المراقبة في نفس مقر الاقامة بجرجيس بـ 26 شهراً إضافية ، فقام الأستاذ عبد الله الزواري بتقديم شكوى قضائية في الموضوع سجلت تحت رقم 13106 بتاريخ 13 جوان 2007 .
****
ومن جهة ثانية أصدرت المحكمة الإدارية بتونس قرارا تحت عدد 11141/1 بتاريخ 15 جويلية 2008 يقضي بقبول الدعوى المرفوعة من الأستاذة سعيدة العكرمي بتاريخ 02 أوت 2002 ضد قرارالمراقبة الإدارية الصادر عن وزير الداخلية بشأن عبد الله الزواري وإلغاء القرار المطعون فيه و حمل المصاريف القانونية على الدولة مما يعني عمليا أن الإبقاء على احتجازه بأقصى الجنوب التونسي بعيدا عن مقر إقامته بتونس العاصمة يعد حكماً بالنفي و ذلك بشهادة ..السلطة القضائية ..وذلك بإعتبار المعطيات التالية:
* إيقاف الصحفي عبد الله الزواري سنة 1991 تم في منطقة صلامبو حيث كان يقيم مع كامل أفراد عائلته بتونس العاصمة مثلما يفيده محضر البحث المحرر من أعوان إدارة أمن الدولة بتاريخ 16/06/1991 وورد في سطره الأول أنه : « مقيم بـ 8 نهج أبي زمعة البلوي ، رادس ، ولاية بنعروس ».
* بعد مغادرته السجن في 2002 تم اقتياد عبد الله الزواري إلى مقر فرقة الإرشاد ببوشوشة أين حررت في شأنه بطاقة إرشادات و حدد مقر إقامته بتونس العاصمة ،
* أقام عبد الله الزواري بعد تسريحه من السجن بالعنوان الكائن بنهج الصقلي عدد 7 تونس ، كما تبينه شهادة الإقامة المستخرجة من مركز الأمن بالحفصية في 17 أوت 2002 تحت عدد 720.
– أن القانون التونسي يُوجب خضوع قرار المراقبة الإدارية للشروط التالية : /مراعاة مقر إقامة الخاضع للمراقبة / مقرعمل الخاضع للمراقبة / مراعاة الظروف العائلية و الإجتماعية للخاضع للمراقبة.” و هي شروط تم خرقها بالكامل في هذه القضية.؟؟؟
ومع أن المحكمة الإدارية أنصفت السيد عبد الله الزواري وقضت بالدرجة الأولى بإلغاء قرار وزيرالداخلية إجبار السيد عبد الله الزواري على الإقامة بالجنوب التونسي إلا أن صدور القرار بعد إنقضاء السنوات الخمسة لم يفد المتضرر، ويرجح أن عدم تعيين جلسة الإستئناف إلى اليوم( تاريخ هذا التقرير) ليس إلا مؤشرا على أن صدور حكم المحكمة الإدارية لن يكون قبل أن تنقضي مجدداً الأشهر الـ26 تمديداً للمراقبة.
وحين إنقضت الأشهر الـ 26 فعلاً، كان الاعتقاد أن المراقبة الإدارية سترفع عن عبد الله الزواري مع نهاية فترة التمديد غير القانونية، لكن محاصرة محل إقامة عبد الله الزواري مازالت إلى اليوم مستمرة وملاحقته عند التنقل في مدينة جرجيس أيضاً متواصلة، ولايزال منعه من مغادرة المدينة إلى أي جهة أخرى جار إلى تاريخ إنجاز هذا التقرير .
و لم تتوقف الإعتداءات على عبد الله الزواري مع كل هذه المظالم، وظل عرضة للتوقيف والإستنطاق بمناسبة وبغير مناسبة ،ففي يوم الجمعة 13 مارس 2009 أوقف عبد الله الزواري من قبل أربعة من أعوان الأمن السياسي، الذين دفعوا به كرهاً في سيارة مدنية ونُقل بعدها إلى مركز للأمن بحاسي الجربي بمدينة جرجيس حيث باشر رئيس مركز الأمن عامرالطالبي ورئيس فرقة الإرشاد محسن باكير ورئيس الفرقة المختصة لزهر الفالحي، التحقيق معه حول رسالة كان وجهها سجناء سياسيون بتونس ونشطاء حقوقيون ومناضلون لأحزاب تونسية معارضة إلى رئاسة السلطة الفلسطينية لحثها على إطلاق سراح سجناء سياسيين معتقلين لديها في الضفة الغربية، وقد إتهم رؤساء الفرق السيد عبد الله الزواري أنه كان وراء نشر الرسالة وحث المشاركين على التوقيع عليها، ولم يغادر السيد عبد الله الزواري مركز الأمن إلا في الساعة الثانية من بعد الزوال، بعد أن ذكّره رئيس منطقة الأمن المسمى مالك علوش ، في إشارة تهديد بالقول« أن هذا هو التنبيه الثاني».
4 . حمدي الزواري :
السجين السياسي السابق حمدي الزواري من مواليد 1970 يعمل مهندسا في الإعلامية، متزوج وله ولد، كان طالبا بكلية العلوم- تونس حين تم إيقافه في 06 جوان 1991 وحوكم بالمحكمة العسكرية بباب سعدون بـ 10 أعوام وشهرين سجنا و05 أعوام مراقبة إدارية، سرح في 2001.09.09 بعد أن قضى عقوبة السجن كاملة . اُجبـِر حمدي الزواري على الإمضاء مرة واحدة في الأسبوع، لكن صادف أن أحد أيام الإمضاء كان يوم عطلة رسمية وهو الأربعاء 2001.11.07 فلم يُسجل عون الاستمرار حضور السيد حمدي الزواري بالدفتر لأن ذلك ليس من مهامه، كما قال وإنما من مهام زميله فطلب إليه العودة في اليوم الموالي للإمضاء فلم يَعد السيد الزواري لأنه قام بما يتوجب عليه من الحضور و كان يوم الإمضاء في الأسبوع الموالي قد وافق اليوم الأول من شهر رمضان فإنشغل في إعداد محل لبيع الألبان فأجّل الإمضاء لليوم التالي، وفي الغد تلقفه أعوان الأمن لدى وصوله إلى مركز الشرطة ووضعوا يديه في قيد الحديد بدعوى عدم تسجيل حضوره في الأسبوع الماضي والأسبوع الحالي، وقيل له أن منشور تفتيش قد صدر في حقه لمخالفته تراتيب المراقبة الإدارية وبناء عليه صدر ضده حكم لمدة شهر سجن فأمضى شهر الصيام من رمضان 2001 بين جدران السجن وذلك بين (16 نوفمبر2001 إلى 16 ديسمبر2001) وقد استمر حمدي الزواري يواضب على الحضور قصد الإمضاء بمراكز الأمن بين 09 سبتمبر 2001 وإلى غاية 09 سبتمبر 2006 متمماً بذلك السنوات الخمس المجبر على قضائها بوصفها عقوبة تكميلية. لكنه فوجئ برئيس مركز الشرطة بالحفصية يدعوه للاستمرار بالحضور للامضاء لعام آخر بدعوى أن تقريرا عن إحدى السنوات الخمس لم يصل إلى الإدارة العامة للسجون والإصلاح وأن أوراق الإمضاء الخاصة بتلك السنة قد ضاعت و الإدارة العامة للسجون والإصلاح ليس لها إلا ما يفيد تنفيذ المراقبة لمدة أربعة سنوات فقط ، كانت قصة مختلقة لتبرير قرار بتمديد المراقبة الإدارية، لأن جميع الإمضاءات، على نحو ما جرت به العادة مدونة في كراس واحد وهو دفتر رسمي مرقّم من الحجم الكبير.
راسل السيد حمدي الزواري متظلماً الرئيس المدير العام للسجون والإصلاح ووزير العدل طالبا الإنصاف لكن الجواب كان واحدا وهو التهديد بالمقاضاة والسجن من أجل مخالفة تراتيب المراقبة الإدارية،.. فاضطر السيد حمدي الزواري إلى مواصلة الحضور لدى مركز الأمن للإمضاء مدة سنة أخرى.
لم تنقطع عن حمدي الزواري الزيارات الأمنية لمحل سكناه ولا توقفت الملاحقة لتنقلاته لأجل إرهاب وتخويف جميع من يتصلون به، وكان أعوان الأمن يعمدون إلى استدعاء بعض الذين يتواصلون معه اجتماعياً من الأقارب والاْجوار ولم يكن رئيس مركز الشرطة بالحفصية المدعو خالد الجلاصي يتردد حينما يريد ، دخول بيت السيد حمدي الزواري وتفتيش أغراضه ومحتويات المنزل، دون إذن من وكيل الجمهورية ولا إعلام مسبق.
بعد إنتهاء مدة المراقبة الإدارية بنهاية العام الإضافي، إعتقد السجين السياسي السابق حمدي الزواري أن كابوس المراقبة قد إنتهى لكن مع قدوم مسؤول أمني جديد بمركز الشرطة بالحفصية يدعى نصر الدين بن رابح بدأت عملية استعلام ومتابعة طالت أقاربه وخاصة أحد أعمامه الذي تعددت زيارات رجال البوليس إلى مقر عمله ( كان ذلك في جانفي 2008) فقرر السيد حمدي الزواري إبلاغ مركز الأمن بهذه المضايقات غير المبررة ولا سيما أنها طالت أقرباءه، لكن عون أمن بالمركز قام باحتجازه ومنعه من الخروج لمدة ساعتين واحتجز بطاقة هويته إلى حين قدوم رئيس مركز الشرطة الذي حاول استجوابه عن تفاصيل حياته وتنقلاته ومكان عمله ورقم هاتفه ..إلخ … لكنه تمسك برفض الإدلاء بأي جواب لأنه لم يعد يخضع قانونياً لأي جبر بالمراقبة الإدارية و تراتيبها..وأنه مستعد للعودة إلى السجن.
وإحدى وجوه معاناة السيد حمدي الزواري، كانت حين بادر بالسعي إلى العودة لمقاعد الدراسة الجامعية لأن محاكمته من أجل الانتماء إلى حزب غير مرخص له في تسعينات القرن الماضي قطعت عنه متابعته لدراسته الجامعية بكلية العلوم. وفي أوائل جانفي 2002 قدم طلبا كتابيا إلى رئاسة جامعة المنار بتونس وقابل الكاتب العام بها كما اتصل بوزارة التعليم العالي التي أحالت طلبه إلى رئاسة الجامعة باعتبار القرار من مشمولات رئيسها الذي اضطر للرد رسميا بالرفض معللا القرار بعدم توفر الشروط المطلوبة، فوجّه كتاباً إلى رئاسة الجمهورية والى المنظمات الحقوقية مطالباً بحقه القانوني في مواصلة دراسته. لكن بعد كل محاولات التظلم اليائسة، قام بالتسجيل بالجامعة الحرة على حسابه الخاص ليترقى بعد سنين من الدراسة ليتخرج بصفة مهندس في الاعلامية حيث كلفه ذلك مبلغ 11الف دينار تونسي.
ولا يزال البوليس السياسي يلاحق حمدي الزواري ويضيق عليه ويضع العقبات أمام أي إمكانية للاندماج الاجتماعي أو تطوير نفسه عبر الفرص المهنية التي تعرض عليه، فبعد أن حصل على شغل يتناسب ومؤهلاته، قدم طلبا إلى مركز الشرطة بالحفصية لإستخراج جواز سفر في 2007.01.27، لكن كلما استفسر عن رد الإدارة كان الجواب واحدا (مطلبك تحت الدرس ) فاضطر لرفع قضية لدى المحكمة الإدارية بتونس في الغرض تحت رقم 18338 بتاريخ 16 جويلية 2008 لم يقع إلى حد الآن البت فيها. ورغم أنه قدم منذ 2008.10.25 طلبا لإستخراج بطاقة السوابق العدلية (البطاقة عدد 03 ) فإنه لم يتلق أي رد إلى حد كتابة هذا التقرير. وهكذا ظل ترسيمه بالشركة وهي شركة متعددة الجنسيات موقوفاً على جواز سفر يسمح له بالسفر عندما تكون الشركة بحاجة إلى إرسال موظفيها إلى ألمانيا حيث مقر الشركة الأمّ، و كثيراً ما يعرض فرع الشركة في تونس على السيد حمدي الزواري السفر إلى ألمانيا في مهمات مهنية خاصة بالشركة، ولأنه ليس في حوزته جوازسفر، ويتعذرعليه تلبية عروض الشركة وطلباتها المهنية، فإن ذلك قد يكون سبباً بالنسبة لشركة تراعي مصالحها لتجد نفسها مضطرة إلى طرده.
5 . سامي بوراس: المراقبة الإدارية وخيار الهجرة السرية
السجين السابق وطالب اللجوء الحالي سامي بن بشير بن مسعود بوراس من مواليد 06/05/1975 بمدينة جربة وقاطن بنهج خير الدين باشا بمدينة منزل بورقيبة من ولاية بنزرت تم ايقافه من طرف البوليس السياسي في 11/10/2003 وأصدرت محكمة الاستئناف بتونس في حقه حكما بالسجن بـ 04 أعوام سجنا و 05 سنوات مراقبة إدارية في القضية عدد 5572 أمام الدائرة الجنائية 13 بمحكمة الاستئناف بتونس وقضى منها سنتين وعشرين يوما وتم إطلاق سراحه بموجب السراح الشرطي في 02/ 11/2005 وهو الآن محل تتبع قضائي ومحكوم غيابيا في قضية أخرى.
تعرض للهرسلة الأمنية منذ سراحه حيث زارته فرقة البوليس السياسي بمنزل بورقيبة واقتادته من منزل والديه ليُطلب منه الامتناع عن مغادرة المدينة دون إذن مسبق مهما كان الباعث على ذلك وأن يُعد قائمة اسمية في الذين سيتردد عليهم أويزورهم من معارفه ولكن السيد سامي طلب كتابيا تغيير عنوان الإقامة الوارد بقرار المراقبة الإدارية (بما أنه عنوان منزل والديه وليس عنوانه الشخصي ) إلى عنوان إقامته الجديد بمدينة أريانة ( نهج الأخطل، المنزه ، تونس العاصمة ) ووجه هذا المكتوب إلى كل الجهات المسؤولة وخاصة الادارة العامة للسجون والإصلاح لكن لم تقع اجابته مطلقا مما يعني انه صار ملزما بالعيش قسرا بعيدا عن مقر عمله ، بل تصاعدت وتيرة الانتهاكات لحريته وحقوقه والزيارات البوليسية الليلية والنهارية إلى الحد الذي دفعه لتقديم شكوى إلى وكيل الجمهورية ببنزرت ضد رئيس منطقة الشرطة بمنزل بورقيبة في تجاوز السلطات.
تم الإذن له شفويا في أواخر شهر فيفري 2006 من قبل السلطات الأمنية بمنزل بورقيبة بالقيام بزيارة إلى تونس العاصمة قصد شراء بعض المستلزمات ولكن حال مغادرته أصدرت في حقه منشور تفتيش لمخالفته قرار المراقبة الادارية متنصلة من اذنها الشفوي ناكرة أن ذلك قد حصل فعلا وتم إيقافه ومحاكمته في القضية رقم 23732 بتاريخ 08/03/2006 بمحكمة ناحية منزل بورقيبة و صدر في حقه حكم بشهرين سجنا ورفض القاضي السيد معز بوغزالة نقل تنفيذ المراقبة الادارية إلى عنوانه الحالي ( نهج الاخطل بالمنزه تونس العاصمة ) وبعد قضائه عقوبة السجن عاد من جديد إلى نفس الوضعية والمعاناة ليجد نفسه بعد شهرين موقوفا بمنطقة الشرطة بمنزل بورقيبة ولدى استجوابه عرض عليه رئيس المنطقة العمل مع ” الأمن ” بصفة مخبر في مقابل تسوية مشكلة المراقبة الإدارية وعند رفضه لهذا العرض تم تعنيفه واهانته ثم تقرر إيقافه بتهمة مخالفة المراقبة الادارية فبات ليلته بمركزالشرطة وفي الصباح تمت إحالته على المحكمة الابتدائية ببنزرت غير انه تمكن من الفرار من أمام باب المحكمة. بعد فترة من التخفي سافر السيد سامي بوراس إلى ليبيا حوالي شهر نوفمبر 2006 ومنها ارتحل خلسة الى ايطاليا في جويلية 2007 وفي أوت 2007 انتقل إلى مرسيليا بفرنسا ثم انتقل إلي السويد حوالي شهر جانفي 2008 .
في 08-01-2008 تقدم الى ادارة الهجرة و تم استجوابه في 13/06/2008 فطلب تسوية وضعيته وتمكينه من اللجوء السياسي فلم يقع الاستجابة لطلبه في 11-07-2008 فقدم استئنافا لدى محكمة إدارة الهجرة التي كانت له معها جلسة يوم 05-05-2009 على اثرها تم رفض إجابة الطلب حوالي يوم 19/05/2009 لكنه إستأنف القرار عن طريق محاميه لدى المحكمة العليا وبقي آخر أمل له للافلات من الترحيل أو التسليم إلى السلطات التونسية معلقا املا على قرار هذه المحكمة. أما السيدة مريم بنت المنصف الورغي زوجة السيد سامي بوراس فقد صدر قرار غير قابل للاستئناف في حقها برفض طلب اللجوء السياسي مما يفتح الباب لترحيلها في أي وقت باعتبار إقامتها على الأراضي السويدية غير قانونية .
والسيدة مريم الورغي هي ابنة السجين السياسي السابق السيد محمد المنصف الورغي المحكوم من أجل الانتماء إلى حركة النهضة التونسية بـ 20 سنة سجنا قضى منها 14سنة سجنا (1992-2006). وعائلة الورغي المكونة من أمّ ماليزية و09 أطفال تعرضت إلى أبشع أشكال الاضطهاد والتنكيل السياسي ( مابين سنتي 1994-1996 ) حيث وجد الأطفال أنفسهم محرومين من التسجيل في المدارس الابتدائية و المعاهد الثانوية وألقيت العائلة في الشارع بلا منزل يؤويها بعد سلسلة من الضغوطات التي سلطها البوليس السياسي على كل من يسوغها منزلا تقيم فيه وأبناءها، مما اضطر الأمّ إلى الاستنجاد بالخارجية الماليزية من خلال السفارة الماليزية بالمغرب ثم مباشرة بالسفارة الاندونيسية بتونس والمكوث داخلها لمدة أسبوع ( الأم وأبناؤها التسعة ) إلى أن تكفـّل السفير بالتدخل لدى السلطات التونسية لإيقاف الانتهاكات والهرسلة كما اكترى منزلا للعائلة وخصّها بمنحة مالية شهرية لتخفيف معاناتها ومعاناة الأطفال واستمرت المتابعات الأمنية والمداهمات النهارية حتى بعد خروج الأب مما جعل الأطفال يعيشون حياة مليئة بالرعب والخوف ولا يعرفون الإحساس بالأمان والسكينة ( قامت الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين بتوثيق هذه المأساة ضمن تقرير سمعي بصري عن معاناة المساجين السياسيين وعائلاتهم أصدرته في صائفة 2006 وفيه شهادة من البنت مريم نفسها عن معاناتها بسبب مأساة وتداعيات سجن والدها على خلفية سياسية ) كما تم إيقاف أشقائها مرات عديدة واستجوابهم بمحلات الشرطة دون اعتبار لصغر سنهم .. وكانت مريم الورغي منذ صغرها إلى أن غادرت البلاد التونسية تعيش حالة من الرعب بسبب المداهمات البوليسية المتكررة مما دفع والدتها إلى عرضها على أخصائي نفسي …وفي سنتها الجامعية الأولى بمدينة بنزرت (2002-2003) تم منعها من دخول الجامعة بسبب ارتدائها الحجاب مما اضطرها للانتقال إلى الدراسة بالمركب الجامعي بتونس العاصمة أملا في اجتناب المضايقات من اجل لباسها فتم لها ذلك، إلا أنها فوجئت يوم الامتحان بالبوليس يستوقفها أمام باب الجامعة ليخيرها بين إجراء الامتحان أو نزع حجابها. تقيم السيدة مريم بالسويد منذ سنة 2005 وهي متزوجة من السجين السابق السيد سامي بوراس وهي أيضاً أمّ لطفلة رضيعة .وكانت تقدمت للسلطات السويدية بطلب للحصول على اللجوء السياسي في سبتمبر 2005 هربا من الاضطهاد الذي عانته وعائلتها سنين طوال، لكن بعد انتظار كان القرار النهائي للمحكمة العليا بالسويد مغادرتها السويد في أجل أقصاه 23/09/2008 وهي الآن تعيش بشكل غير قانوني و مهددة بالترحيل .
الرئيس الأسبق لحركة النهضة [1]
أضف تعليق